فصل
إذا ، فإن أمكن تجفيفه كالرطب والعنب ، صح رهنه وجفف . وإن لم يمكن كالثمرة التي لا تجفف ، والريحان ، والجمد ، فإن رهنه بدين حال ، صح ، ثم إن بيع في الدين ، أو قضي الدين من موضع آخر ، فذاك ، وإلا بيع وجعل الثمن رهنا ، فلو رهن ما يتسارع إليه الفساد ، قال في التهذيب : إن كان الراهن أذن له في بيعه ، ضمن ، وإلا ، فلا . ويجوز أن يقال : عليه الرفع إلى القاضي ليبيعه . تركه المرتهن حتى فسد
قلت : هذا الاحتمال الذي قاله الإمام الرافعي رحمه الله ، قوي أو متعين . وقد قال صاحب التتمة في هذه الصورة : إن سكتا حتى فسد ، أو طلب المرتهن بيعه ، فامتنع الراهن ، فهو من ضمان الراهن . وإن طلب الراهن بيعه ، فامتنع المرتهن ، فمن ضمان المرتهن . والله أعلم .
وإن ، فله ثلاثة أحوال . أحدها : أن يعلم حلول الأجل قبل فساده ، فهو كرهنه بالحال . رهنه بدين مؤجل
الثاني : أن يعلم عكسه . فإن شرط في الرهن بيعه عند الإشراف على الفساد ، وجعل ثمنه رهنا ، صح ولزم الوفاء بالشرط . فلو ، بطل الرهن لمناقضته مقصود الرهن . وإن لم يشرط ذا ولا ذاك ، فهل هو كشرط البيع أم كشرط عدم البيع ؟ قولان ، أظهرهما عند العراقيين : الثاني ، وميل غيرهم إلى الأول . شرط أن لا يباع بحال عند حلول الأجل
[ ص: 44 ] قلت : قال الإمام الرافعي في " المحرر " أظهرهما : لا يصح الرهن . والله أعلم .
الثالث : أن لا يعلم واحد من الأمرين وهما محتملان ، فالمذهب : الصحة . ولو ، بأن ابتلت الحنطة ، وتعذر تجفيفها لم ينفسخ بحال . ولو طرأ ذلك قبل قبض المرهون ، ففي الانفساخ وجهان ، كما في حدوث الموت والجنون . وإذا لم ينفسخ ، بيع وجعل الثمن رهنا مكانه . رهن ما لا يسرع إليه الفساد ، فحدث ما عرضه للفساد قبل الأجل
قلت : الأرجح : أنه لا ينفسخ ، وهذا الذي قطع به ، من أنه إذا لم ينفسخ يباع ، وهو المذهب . ونقل الإمام : أن الأئمة قطعوا بأنه يستحق بيعه . ونقل صاحب " الحاوي " فيه قولين .
أحدهما : يجبر الراهن على بيعه حفظا للوثيقة ، كما يجبر على نفقته .
والثاني : لا ؛ لأن حق المرتهن في حبسه فقط ، وهذا ضعيف . والله أعلم .