الثالثة : ، فله حالان . تداعيا جدارا حائلا بين ملكيهما
أحدهما : أن يكون متصلا ببناء أحدهما دون الآخر اتصالا لا يمكن إحداثه بعد بنائه ، فيرجح جانبه . وصورته : أن يدخل نصف لبنات الجدار المتنازع فيه في جداره الخاص ، ونصف جداره الخاص في المتنازع فيه ، ويظهر ذلك في الزوايا . وكذلك لو كان لأحدهما عليه أزج لا يمكن إحداثه بعد بناء الجدار بتمامه ، بأن أميل من مبدأ ارتفاعه عن الأرض قليلا . وإذا ترجح جانبه ، حلف وحكم له بالجدار ، إلا أن تقوم بينة على خلافه . ولا يحصل الرجحان بوجود الترصيف المذكور في مواضع معدودة من طرف الجدار ، لإمكان إحداثه بعد بناء الجدار بنزع لبنة ونحوها ، وإدراج أخرى . ولو كان الجدار المتنازع فيه مبنيا على خشبة طرفها في ملك أحدهما ، وليس منها شيء في ملك الآخر ، فالخشبة لمن طرفها في ملكه ، والجدار المبني عليها تحت يده ظاهرا ، قال الإمام : ولا يخلو من احتمال .
الحال الثاني : أن يكون متصلا ببنائهما جميعا ، أو منفصلا عنهما ، فهو في أيديهما ، فإن أقام أحدهما بينة ، قضي له ، وإلا فيحلف كل واحد منهما للآخر . فإذا حلفا ، أو نكلا ، جعل الجدار بينهما بظاهر اليد . وإن حلف أحدهما ونكل الآخر ، [ ص: 226 ] قضي للحالف بالجميع . وهل يحلف كل واحد على النصف الذي يحصل له ، أم على الجميع لأنه ادعاه ؟ وجهان . أصحهما : الأول . قال - رضي الله عنه - : ولا أنظر إلى من إليه الدواخل والخوارج ، ولا أنصاف اللبن ، ولا معاقد القمط ، معناه : لا أرجح بشيء منها . قال المفسرون لكلامه : المراد بالخوارج : الصور ، والكتابة المتخذة في ظاهر الجدار . وبالدواخل : الطاقات ، والمحاريب في باطن الجدار . وبأنصاف اللبن : أن يكون الجدار من لبنات مقطعة ، فتجعل الأطراف الصحاح إلى جانب ، ومواضع الكسر إلى جانب . ومعاقد القمط ، تكون في الجدار المتخذ من قصب أو حصير ونحوهما . وأغلب ما يكون ذلك ، في الستر بين السطوح ، فيشد بحبال ، أو خيوط . وربما جعل عليها خشبة معترضة ، فيكون العقد من جانب ، والوجه المستوي من جانب . ولو كان لأحدهما عليه جذوع ، لم يرجح ؛ لأنه لا يدل على الملك ، كما لو تنازعا دارا في يدهما ولأحدهما فيها متاع ، فإذا حلفا ، بقيت الجذوع بحالها ، لاحتمال أنها وضعت بحق . الشافعي