. وشرطه : صحة العبارة ، وأهلية التبرع . أما صحة العبارة ، فيخرج عنه الصغير ، والمجنون ، والمبرسم الذي يهذي ، فلا يصح ضمانهم . ولو ضمن إنسان ثم قال : كنت صبيا يوم الضمان ، وكان محتملا ، قبل قوله مع يمينه . وكذا لو قال : كنت مجنونا وقد عرف له جنون سابق ، أو أقام به بينة ، وإلا فالقول قول المضمون له مع يمينه . وفي ضمان السكران ، الخلاف المذكور في تصرفاته . الركن الثالث : الضامن
قلت : هذا في السكران بمعصية . فأما السكران بمباح ، فكالمجنون . - والله أعلم - .
وأما الأخرس ، فإن لم يكن له إشارة مفهومة ، ولا كتابة ، لم نعرف أنه ضمن حتى نصحح أو نبطل ، وإن كانت له إشارة مفهومة ، صح ضمانه بها كبيعه وسائر تصرفاته . وفي وجه : لا يصح ضمانه ، إذ لا ضرورة إليه ، بخلاف سائر التصرفات . ولو ضمن بالكتابة ، فوجهان ، سواء أحسن الإشارة ، أم لا . أصحهما : الصحة ، وذلك عند القرينة المشعرة ، ويجري الوجهان في الناطق وفي سائر التصرفات . وأما أهلية التبرع ، فلا يصح ضمان المحجور عليه لسفه وإن أذن الولي ؛ لأنه تبرع ، وتبرعه لا يصح بإذن الولي . كذا قال الإمام ، : إن الضمان تبرع ، وإنما يظهر هذا حيث لا رجوع . وأما حيث ثبت الرجوع ، فهو قرض محض . ويدل عليه نص والغزالي - رضي [ ص: 242 ] الله عنه - : أنه لو ضمن في مرض موته بغير إذن المضمون عنه ، حسب من ثلثه . وإن ضمن بإذنه ، فمن رأس المال ؛ لأن للورثة الرجوع على الأصيل ، وهو وإن لم يكن تبرعا فلا يصح من السفيه كالبيع وسائر التصرفات المالية . فإن أذن فيه الولي ، فليكن كما لو كان في البيع . الشافعي
قلت : الذي قاله الإمام ، هو الصواب . وقد صرح الأصحاب بأنه لا يصح ضمانه من غير فرق بين الإذن وعدمه . وقول الرافعي : إنه ليس تبرعا ، فاسد ، فإنه لو سلم أنه كالقرض ، كان القرض تبرعا . وقوله : إذا أذن الولي ، كان كالبيع ، يعني فيجري فيه الوجهان ، فاسد أيضا ، فإن البيع ، إنما صح على وجه ؛ لأنه لا يأذن إلا فيما فيه ربح أو مصلحة ، والضمان غرر كله بلا مصلحة . وأما ضمان المريض ، فقال صاحب " الحاوي " : هو معتبر من الثلث ؛ لأنه تبرع . فإن كان عليه دين مستغرق ، فالضمان باطل . وإن خرج بعضه من الثلث ، صح فيه . فلو ضمن في مرضه ، ثم أقر بدين مستغرق ، قدم الدين ولا يؤثر تأخر الإقرار به . - والله أعلم - .
وأما ، فضمانه كشرائه . المحجور عليه لفلس
فرع
صحيح ، مزوجة كانت أو غيرها ، ولا حاجة إلى إذن الزوج كسائر تصرفاتها . ضمان المرأة
فرع
في بغير إذن سيده مأذونا كان أو غيره ، وجهان . أحدهما : صحيح [ ص: 243 ] يتبع به إذا عتق ، إذ لا ضرر على سيده ، كما لو أقر بإتلاف مال وكذبه السيد . وأصحهما : لا يصح . وإن ضمن بإذن سيده صح . ثم إن قال : اقضه مما تكسبه ، أو قال للمأذون : اقضه مما في يدك ، قضى منه . وإن عين مالا وأمر بالقضاء منه ، فكمثل . وإن اقتصر على الإذن في الضمان ، فإن لم يكن مأذونا ، ففيه أوجه ، أصحها : يتعلق بما يكسبه بعد الإذن كالمهر . والثاني : يكون في ذمته إلى أن يعتق لأنه أذن في الالتزام دون الأداء . والثالث يتعلق برقبته . وإن كان مأذونا له في التجارة ، فهل يتعلق بذمته أم بما يكسبه بعد ؟ أم به وبما في يده من الربح الحاصل ؟ أم بهما وبرأس المال ؟ فيه أوجه ، أصحها : آخرها . ضمان العبد
وحيث قلنا : يؤدي مما في يده ، فلو كان عليه ديون ، ففيه أوجه عن ابن سريج ، أحدها : يشارك المضمون له الغرماء ، كسائر الديون . والثاني : لا يتعلق الضمان بما في يده أصلا ؛ لأنه كالمرهون بحقوق الغرماء . والثالث : يتعلق بما فضل عن حقوقهم رعاية للجانبين .
قلت : أصحها : الثالث - والله أعلم - .
وهذا إذا لم يحجر القاضي عليه . فإن حجر باستدعاء الغرماء ، لم يتعلق الضمان بما في يده قطعا . وأم الولد والمدبر كالقن في الضمان ، وكذا من بعضه حر إن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة ، أو كانت وضمن في نوبة السيد . فإن ضمن في نوبته ، صح قطعا . ويجوز إن ضمن في نوبته ، أن يخرج على الخلاف في المؤن والأكساب النادرة ، هل تدخل في المهايأة ؟ والمكاتب بلا إذن ، كالقن ، وبالإذن ، قالوا : هو على القولين في تبرعاته .
[ ص: 244 ] فرع
، فحق الرجوع لسيده . وإن أدى بعد عتقه ، فالرجوع للعبد على الأصح . ولو ضمن العبد لسيده عن أجنبي ، لم يصح لأنه يؤدي من كسبه وهو لسيده ، ولو ضمن لأجنبي عن سيده ، فإن لم يأذن السيد ، فهو كما لو ضمن عن أجنبي . وإن أذن ، صح . ثم إن أدى قبل عتقه ، فلا رجوع ، وبعده وجهان بناء على ما لو أجره ثم أعتقه في المدة ، هل يرجع بأجرة المثل لما بقي ؟ ضمن عبد بإذن سيده ، وأدى في حال رقه
قلت : لو ثبت على عبد دين بالمعاملة فضمنه سيده ، صح كالأجنبي . ولو ضمن السيد لعبده دينا على أجنبي ، فإن لم يكن على العبد دين من التجارة ، فالضمان باطل . وإلا فوجهان ، قاله في " الحاوي " - والله أعلم - .