فصل
في كفالة البدن
ويسمى أيضا ، ، وهي صحيحة على المشهور . وقيل : تصح قطعا ، فتجوز ببدن من عليه مال ، ولا يشترط العلم بقدره على الأصح . والثاني : يشترط بناء على أنه لو مات ، غرم الكفيل المال . ويشترط أن يكون المال مما يصح ضمانه . فلو تكفل ببدن مكاتب للنجوم التي عليه ، لم يصح . فإن كان عليه عقوبة ، فإن كانت لآدمي كالقصاص وحد القذف ، صحت الكفالة على الأظهر . وقيل : لا تصح قطعا . وإن كانت حدا لله تعالى ، لم تصح على المذهب . وقيل : قولان . وضبط الإمام كفالة الوجه من تكفل ببدنه فقالا : حاصل كفالة البدن التزام إحضار المكفول ببدنه ، فكل من يلزمه حضور مجلس الحكم عند الاستعداء أو يستحق إحضاره ، تجوز الكفالة ببدنه ، فيخرج على هذا الضابط صور ، منها : الكفالة ببدن امرأة يدعي رجل زوجيتها ، صحيحة . وكذلك الكفالة بها ، لمن تثبت زوجيته . قال في " التتمة " والظاهر ، أن حكم هذه الكفالة حكم الكفالة ببدن من ادعي عليه القصاص ؛ لأن المستحق عليها لا يقبل النيابة . ومنها : لو تكفل ببدن عبد آبق لمالكه ، قال والغزالي ابن سريج : يصح ويلزمه السعي في رده . ويجئ فيه مثلما حكينا في الزوجة . ومنها : الميت قد يستحق إحضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحملوها كذلك ولم يعرفوا اسمه ونسبه . وإذا كان كذلك ، صحت الكفالة ببدنه .
ومنها : الصبي ، والمجنون ، قد يستحق إحضارهما لإقامة الشهادة على صورتها في الإتلاف ، وغيره ، فتجوز الكفالة فيهما . ثم إن كفل بإذن وليها ، فله مطالبة الولي بإحضارهما عند الحاجة ، وإن كفل بغير إذنه ، فهو كالكفالة ببدن العاقل البالغ بغير إذنه . ومنها : قال الإمام : لو تكفل رجل ببغداد ببدن رجل بالبصرة ، [ ص: 254 ] فالكفالة باطلة ؛ لأن من بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد للخصومات ، والكفيل فرع المكفول به . وإذا لم يجب حضوره ، لا يمكن إيجاب الإحضار على الكفيل . وهذا الذي قاله ، تفريع على أنه لا يلزم إحضار من هو على مسافة القصر ، وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى .
فرع
الحق الذي تجوز بسببه الكفالة ، إن ثبت على المكفول ببدنه بإقرار أو بينة ، فذاك . وإن لم يثبت ، لكنه ادعى عليه ، فلم ينكر وسكت ، صحت الكفالة أيضا . وإن أنكر ، فوجهان . أحدهما : أنها باطلة . لأن الأصل البراءة ، والكفالة بمن لا حق عليه باطلة . وأصحهما : الصحة لأن الحضور مستحق . ومعظم الكفالات إنما تقع قبل ثبوت الحق .
فرع
تجوز ، كما يجوز للمعسر ضمان المال . الكفالة ببدن الغائب ، والمحبوس ، وإن تعذر تحصيل الغرض في الحال
فرع
يشترط كون المكفول ببدنه معينا . فلو قال : كفلت بدن أحد هذين ، لم يصح كما لو ضمن أحد الدينين .
[ ص: 255 ]