المسألة الثانية : إذا ، اشترط خلط المالين خلطا لا يمكن معه التمييز . فإن لم يفعلا ، فتلف مال أحدهما قبل التصرف ، تلف على صاحبه فقط ، وتعذر إثبات الشركة في الباقي ، فلا تصح الشركة إن اختلف الجنس كالدراهم والدنانير ، أو الصفة كاختلاف السكة ، وكالصحاح والمكسرة ، أو المثقوبة ، وكالعتيقة والجديدة ، والبيضاء والسوداء . وفي البيض والسود ، وجه عن أخرج كل واحد قدرا من المال الذي تجوز الشركة فيه ، وأراد الشركة الإصطخري . وإذا جوزنا الشركة في المثليات ، وجب تساويهما جنسا ووصفا ، فلا يكفي خلط حنطة حمراء ببيضاء لإمكان التمييز ، وإن كان فيه عسر . وفي وجه : يكفي ؛ لأنه يعد خلطا . وينبغي أن يتقدم الخلط على العقد ، فإن تأخر ، حكى في " التتمة " وجهين . أصحهما : المنع ، إذ لا اشتراك حال العقد . والثاني : الجواز إن وقع في مجلس العقد ؛ لأنه كالعقد . فإن تأخر عنه ، لم يجز على الوجهين . ومال الإمام إلى جوازه ؛ لأن الشركة توكيل ، وتوكل . لكن ، فلا بد من تجديد الإذن . ولو ورثوا عروضا أو اشتروها ، فقد ملكوها شائعة ، وذلك أبلغ من الخلط . فإذا انضم إليه الإذن في التصرف ، تم العقد . ولهذا قال لو قيد الإذن بالتصرف في المال المفرد المزني والأصحاب : الحيلة في الشركة في العروض المتقومة ، أن يبيع كل واحد نصف عرضه بنصف عرض صاحبه ، سواء تجانس العرضان أو اختلفا ، ليصير كل واحد منهما مشتركا بينهما ، فيتقابضان ، ويأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف . وقال في " التتمة " : يصير العرضان مشتركين ، ويملكان التصرف فيهما بالإذن ، لكن لا تثبت أحكام الشركة في الثمن حتى يستأنفا عقدا ، وهو ناض ، ومقتضى إطلاق [ ص: 278 ] الجمهور ، ثبوت الشركة وأحكامها مطلقا ، وهو الصحيح . ولو لم يتبايعا العرضين ، لكن باعاهما بعرض أو نقد ، ففي صحة البيع ، قولان سبقا . فإن صححناها ، كان الثمن مشتركا بينهما على التساوي أو التفاضل بحسب قيمة العرضين ، فيأذن كل واحد لصاحبه في التصرف .
قلت : وإذا باع كل واحد بعض عرضه ببعض عرض صاحبه ، فهل يشترط علمهما بقيمة العرضين ؟ وجهان حكاهما في " الحاوي " . والصحيح : لا يشترط . ومن الحيل في هذا أن يبيع كل واحد بعض عرضه لصاحبه بثمن في ذمته ، ثم يتقاصا . - والله أعلم - .