فصل
في حكم البيع والشراء المخالفين أمر الموكل
أما البيع ، فإذا قال : بع هذا العبد ، فباع آخر ، فباطل . وأما الشراء ، فإن وقع بعين مال الموكل ، فباطل . وإن وقع في الذمة ، نظر ، إن لم يسم الموكل ، وقع عن الوكيل ، وكذا إن سماه على الأصح . وتلغو التسمية ؛ لأن تسمية الموكل غير معتبرة في الشراء ، فإذا سماه ، ولم يكن صرفه إليه ، صار كأنه لم يسمه . والثاني : العقد باطل . فإذا قلنا بالأصح ، فذلك إذا قال : بعتك ، فقال : اشتريت لموكلي فلان . فأما إذا قال البائع : بعت فلانا ، فقال الوكيل : اشتريته له ، فالمذهب بطلان العقد ؛ لأنه لم تجر بينهما مخاطبة . ويخالف النكاح حيث يصح من الولي ووكيل الزوج على هذه الصيغة ، بل لا يصح إلا كذلك ؛ لأن للبيع أحكاما تتعلق بالمجلس كالخيار وغيره ، وتلك الأحكام إنما يمكن اعتبارها بالمتعاقدين ، فاعتبر جريان [ ص: 325 ] المخاطبة بينهما ، والنكاح سفارة محضة . ثم ما ذكرناه في هذا الفصل تفريع على الجديد ، وهو منع وقف العقود ، وإلغاء تصرف الفضولي . وأما على القديم ، فالوكيل كأجنبي ، فيقف الشراء في الذمة على إجازته . فإن أجاز ، وقع عنه ، وإلا فعن الوكيل ، وكذا الشراء بعين ماله ، وبيع العبد الآخر ، ينعقدان موقوفين على هذا القول كما ذكرنا في بابه .
فرع
وكيل المتهب في القبول ، يجب أن يسمي موكله ، وإلا فيقع عنه ، لجريان الخطاب معه ، ولا ينصرف بالنية إلى الموكل ؛ لأن الواهب قد يقصد بتبرعه المخاطب ، وليس كل أحد يسمح بالتبرع عليه ، بخلاف الشراء ، فإن المقصود منه حصول العوض .
قلت : قال في " البيان " : لو ، صح . ولو وكله في بيع عبده لزيد ، فباعه لوكيل زيد ، لم يصح . والفرق أن النكاح لا يقبل نقل الملك ، والبيع يقبله . ولهذا يقول وكيل النكاح : زوج موكلي ، ولا يقول : زوجني لموكلي . وفي البيع يقول : بعني لموكلي ولا يقول : بع موكلي . والله أعلم . وكله أن يزوج بنته زيدا ، فزوجها وكيل زيد لزيد