فصل
قال رضي الله عنه في " المختصر " : لو الشافعي ، كان مقرا على أبيه بدين . ولو قال : له في ميراث أبي ألف درهم ، كان هبة ، إلا أن يريد إقرارا . قال الأصحاب : النصان على ظاهرهما . قال : له في ميراثي من أبي ألف درهم
وعن صاحب " التقريب " إشارة إلى التسوية ، كأنه نقل وخرج .
والمذهب : الفرق . ومثله ، لو قال : له في هذه الدار نصفها ، فهو إقرار . ولو قال : في داري نصفها ، فهو وعد هبة ، نص عليهما . ولو قال : له في مالي ألف درهم ، كان إقرارا . ولو قال : له من مالي ألف درهم ، كان وعد هبة ، نص عليهما . واختلف الأصحاب في ، فقيل : قولان : قوله : له في مالي ألف
أحدهما : هو وعد هبة .
والثاني : إقرار . وقيل : هبة قطعا . وحملوا النص على خطأ الناسخ ، وربما أولوه على ما لو أتى بصيغة التزام فقال : علي في مالي ، فإنه إقرار ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى . وإذا أثبتنا الخلاف ، فعن الشيخ أبي علي ، طرده فيما إذا قال : في داري نصفها . وامتنع من طرده فيما إذا قال : في ميراثي من أبي . وعن صاحب " التقريب " وغيره ، طرده فيه بطريق الأولى ؛ لأن قوله : في ميراثي من أبي ، أولى بأن يجعل إقرارا من قوله : في مالي أو في داري ؛ لأن التركة مملوكة للورثة مع تعلق الدين بها ، فيحسن إضافة الميراث إلى نفسه مع الإقرار بالدين ، بخلاف المال والدار . وأما فرقه في النص الأخير ، بين " في " و " من " ، فمن الأصحاب من قال : لا فرق ، ولم يثبت هذا النص ، أو أولوه ، ومنهم من فرق ، بأن " في " يقتضي كون مال المقر ظرفا لمال المقر له ، وقوله : من مالي ، يقتضي التبعيض ، وهو ظاهر في الوعد بأنه [ ص: 386 ] يقطع له شيئا من ماله . وإذا فرقنا بينهما ، لزمه مثله في الميراث قطعا .
والمذهب : أنه لا فرق بينهما ، وأن الحكم في قوله : في مالي كما ذكرنا أولا في ميراثي . واستبعد الإمام تخريج الخلاف في قوله : له في داري نصفها ؛ لأنه إذا أضاف الكل إلى نفسه ، لم ينتظم منه الإقرار ببعضه ، كما لا ينتظم الإقرار بكله في قوله : داري لفلان ، وخصص طريقة الخلاف بما إذا لم يكن المقر به جزءا من مسمى ما أضافه إلى نفسه ، كقوله : في مالي ألف ، أو في داري ألف . وحيث قلنا في هذه الصور : إنه وعد هبة ، لا إقرار ، فذلك إذا لم يذكر كلمة الالتزام فأما إذا ذكرها بأن ، فهو إقرار بكل حال . ولو قال : له في ميراثي من أبي ، أو في مالي بحق لزمني . أو بحق ثابت ، وما أشبهه ، فهو إقرار بكل حال ، كما لو قال : علي ، ذكره قال : علي ألف درهم في هذا المال ، أو في مالي ، أو في ميراثي من أبي ، أو في ميراث أبي ، أو في داري ، أو في عبدي ، أو هذا العبد ، والشيخ ابن القاص أبو حامد ، وغيرهما . واعلم أن مقتضى قولنا في قوله : علي في هذا المال ، أو في هذا العبد ألف درهم ، هو إقرار : أنه يلزمه الألف وإن لم يبلغ ذلك المال ألفا ، بخلاف ما إذا قال : له علي ألف في هذا الكيس ، وكان فيه دون الألف ، فإن فيه خلافا سبق ، فإن ظرفية العبد للدراهم ، ليست كظرفية الكيس لها ، لكن لو قال : له في هذا العبد ألف ، من غير كلمة علي ، وفسره بأنه أوصى له بألف من ثمنه ، فلم يبلغ ثمنه ألفا ، لم يجب عليه تتميم الألف بحال .
قلت :