الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وأما مدة بقاء الدنيا ، فروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة .

وقال كعب ، ووهب : الدنيا ستة آلاف .

وقد روى ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال: "أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس " ، وفي لفظ: "ما بقي لأمتي من الدنيا إلا كمقدار الشمس إذا صليت العصر" .

أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، حدثنا يزيد ، أخبرنا شعبة عن قتادة ، عن أنس بن

[ ص: 127 ]

مالك
، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين" ، وأشار بالوسطى والسبابة . أخرجاه في الصحيحين .

وروى جابر بن سمرة ، قال: كأني أنظر إلى أصبعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأشار بالمسبحة والتي تليها ، وهو يقول: "بعثت أنا والساعة كهاتين أو كهذه من هذه" .

قال أبو جعفر الطبري : وقدر ما بين صلاة العصر في أوسط أوقاتها بالإضافة إلى باقي النهار نصف سبع اليوم تقريبا ، وكذلك فصل ما بين الوسطى والسبابة . فإذا كانت الدنيا سبعة آلاف سنة ، فنصف يوم خمسمائة سنة .

والذي مال إليه الطبري ونصره: أنه قد بقي من الدنيا من حين قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا خمسمائة سنة ، فقد ظهر بطلان هذا القول بما قد غبر من السنين .

وقد روى الطبري حديثا في صحته نظر ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنا في آخرها ألفا" . قال المصنف: وهذا وإن لم يثبت صحة الرواية فهو الظاهر ، والله أعلم .

ويتقوى هذا بما تقدم من أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة ، وقد ذهبت اليونانية من النصارى إلى أنه من لدن خلق آدم عليه السلام إلى وقت هجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- ستة آلاف سنة ينقص ثمان سنين ، وقد مضى قريب من ستمائة فيبقى أربعمائة ، والعلم بقدر الإيمان ظاهر .

قال الطبري : وقد زعمت اليهود أن جميع ما ثبت عندهم على ما في التوراة مما بين فيها من لدن خلق آدم إلى وقت الهجرة أربعة آلاف وستمائة واثنان وأربعون سنة وأشهر . والله أعلم . [ ص: 128 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية