الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                657 658 659 660 ص: وقد اختلف المتقدمون في ذلك، فمما روي عنهم في ذلك:

                                                ما حدثنا حسين بن نصر قال: نا الفريابي، قال: نا إسرائيل، قال: نا جابر ، عن محمد بن علي، قال: " لا بأس بأبوال الإبل والبقر والغنم، أن يتداوى بها". .

                                                قال أبو جعفر: فقد يجوز أن يكون ذهب إلى ذلك؛ لأنها عنده طاهرة في الأحوال كلها، كما قال محمد بن الحسن، . وقد يجوز أن يكون أباح العلاج بها للضرورة إليها، لا لأنها طاهرة في نفسها، ولا مباحة في غير حال الضرورة إليها.

                                                حدثنا حسين بن نصر، قال: نا الفريابي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم، قال: "كانوا يستشفون بأبوال الإبل، لا يرون بها بأسا". .

                                                فقد يحتمل هذا أيضا ما احتمله قول محمد بن علي -رضي الله عنه-.

                                                حدثنا حسين بن نصر، قال: نا الفريابي، قال: أنا سفيان ، عن عبد الكريم ، عن عطاء قال: "كل ما أكل لحمه فلا بأس ببوله".

                                                قال أبو جعفر - رحمه الله -: فهذا مكشوف المعنى.

                                                حدثنا بكر بن إدريس ، قال: نا آدم، قال: نا شعبة ، عن يونس ، عن الحسن: " أنه كره أبوال الإبل والبقر والغنم ، أو كلاما هذا معناه".

                                                [ ص: 389 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 389 ] ش: أراد بالمتقدمين التابعين؛ فإنهم أيضا اختلفوا في ذلك، أي في حكم بول الإبل ونحوه، هل يجوز به التداوي أم لا؟

                                                وأخرج في ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- القرشي الهاشمي، المدعو بالباقر، وهو أحد الأئمة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية، سمي باقرا لأنه تبقر في العلم، أي: توسع، والتبقر: التوسع، وهو ممن روى له الجماعة.

                                                وإبراهيم النخعي ، وعطاء ، والحسن البصري .

                                                فالأول: عن حسين بن نصر ، عن محمد بن يوسف الفريابي شيخ البخاري ، عن إسماعيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي .

                                                عن جابر بن يزيد الجعفي، فيه مقال كثير؛ فعن أبي حنيفة: ما لقيت - فيمن لقيت - أكذب من جابر الجعفي، ما أتيته بشيء من رأي، إلا جاء فيه بأثر.

                                                وعن جرير بن عبد الحميد: كان يؤمن بالرجعة.

                                                وقال عباس الدوري: كان كذابا، ليس بشيء. وعن زائدة: رافضي يشتم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ووثقه آخرون.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر، قال: "لا بأس بأبوال الإبل أن يتداوى بها".

                                                والثاني: عن حسين بن نصر ، عن الفريابي أيضا، عن سفيان الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم النخعي .

                                                [ ص: 390 ] وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم، قال: "لا بأس أن يستنشق [من] أبوال الإبل".

                                                والثالث: عن حسين أيضا، عن الفريابي ، عن سفيان ، عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن عطاء بن أبي رباح .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الكريم ، عن عطاء، قال: "ما أكل لحمه فلا بأس ببوله".

                                                والرابع: عن بكر بن إدريس ، عن آدم بن أبي إياس ، عن شعبة ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن الحسن .

                                                وأخرجه محمد بن الحسن في "آثاره": أنا أبو حنيفة، نا رجل من أهل البصرة ، عن الحسن البصري، أنه قال: "لا بأس ببول كل ذات كرش".

                                                قال محمد: وكان أبو حنيفة يكرهه ويقول: إذا وقع في وضوء أفسده، وإن أصاب الثوب منه شيء ثم صلى فيه، أعاد الصلاة. قال محمد: ولا أرى به بأسا؛ لا يفسد ماء ولا وضوءا ولا ثوبا.

                                                قوله: "أو كلاما هذا معناه" أشار به إلى أن هذا الأثر قد روي عن الحسن بغير هذا اللفظ، على ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" قال: نا ابن إدريس ، عن هشام ، عن الحسن، قال: "كان يرى أن تغسل الأبوال كلها".

                                                نا فضيل عن أشعث ، عن الحسن: "أنه كان يغسل البول كله، وكان يرخص في أبوال ذات الكروش" -والله أعلم-.




                                                الخدمات العلمية