الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                637 638 ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: نا عبد الله بن يزيد المقري، قال: ثنا أبو حنيفة .

                                                وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: نا أبو حنيفة ، عن هشام بن عروة ، عن

                                                [ ص: 346 ] أبيه، عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي -عليه السلام- فقالت: إنني أحيض الشهر والشهرين، فقال -عليه السلام-: إن ذلك ليس بحيض، وإنما ذلك عرق من دمك، فإذا أقبل فدعي الصلاة، وإذا أدبر فاغتسلي لطهرك، ثم توضئي عند كل صلاة".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان.

                                                الأول: عن صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد القرشي المقرئ القصير ، عن الإمام أبي حنيفة نعمان بن ثابت الكوفي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن عائشة.

                                                وأخرجه البيهقي أيضا من حديث أبي حنيفة .

                                                الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن أبي نعيم ، عن أبي حنيفة ... إلى آخره.

                                                وأخرج السراج في "مسنده" عن هناد بن السري ، عن أبي معاوية ، عن هشام ، عن أبيه، عن عائشة، نحو رواية أبي حنيفة .

                                                فإن قيل: قال البيهقي في هذا الحديث: ورواه أبو حنيفة ، عن هشام، وفيه: "توضئي لكل صلاة" الصحيح أن هذا من قول عروة .

                                                قلت: قد وصلها الحمادان وغيرهما بكلامه -عليه السلام-، أما حماد بن زيد فقد قال النسائي: أخبرنا يحيى بن حبيب، قال: ثنا حماد - وهو ابن زيد - عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة قالت: "استحيضت فاطمة بنت أبي حبيش، فسألت النبي -عليه السلام- فقالت: يا رسول الله، إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال رسول الله -عليه السلام-: إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم وتوضئي، فإنما ذلك عرق وليست بالحيضة. قيل له: فالغسل؟ قال: ذلك لا يشك فيه أحد ".

                                                [ ص: 347 ] قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث: "وتوضئي" غير حماد بن زيد، وقد روى غير واحد عن هشام ولم يذكر فيه: "وتوضئي".

                                                وأما حماد بن سلمة فقد قال الدارمي في "سننه": أنا حجاج بن منهال، نا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة: "أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض أفأترك الصلاة؟ قال [لا] إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، وإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي".

                                                وأخرجه الترمذي: وصححه من طريق وكيع وعبدة وأبي معاوية ، عن هشام ... وقال في آخره: وقال أبو معاوية في حديثه: "وقال: توضئي لكل صلاة".

                                                ورواه أبو عوانة أيضا: عن هشام، أخرجه الطحاوي في كتاب "الرد على الكرابيسي" من طريقه بسند جيد، على أن حماد بن زيد لو انفرد بذلك لكان كافيا؛ لثقته وحفظه لا سيما في هشام، فإن صح السند الذي جعل فيه من كلام عروة، يحمل على أنه سمعها، فرواها مرة كذلك، ومرة أخرى أفتى بهذا، وهذا أولى من تخطئة من وصلها بكلامه -عليه السلام- كيف وقد روي ذلك مرفوعا في رواية هشام عن عروة كما مر.




                                                الخدمات العلمية