الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                428 ص: حدثنا أبو بكرة، قال: نا الحسين بن مهدي ، قال: نا عبد الرزاق ، قال: أنا معمر ، عن الزهري ( ، عن) عروة: " ، أنه تذاكر هو ومروان الوضوء من مس الفرج، فقال مروان: : حدثتني بسرة بنت صفوان [1 \ق116- ب] أنها سمعت رسول الله - عليه السلام - يأمر بالوضوء من مس الفرج، وكان عروة لم يرفع بحديثها رأسا، فأرسل مروان إليها شرطيا ، فرجع فأخبرهم أنها قالت: سمعت رسول الله - عليه السلام - يأمرنا بالوضوء . من مس الفرج".

                                                التالي السابق


                                                ش: أبو بكرة بكار القاضي ، والحسين بن مهدي شيخ الترمذي وابن ماجه، وبقية الرواة روى لهم الجماعة.

                                                وأما مروان فهو ابن الحكم بن العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو عبد الله المدني، ولد بعد الهجرة بسنتين، وقيل: بأربع، ولم يصح له سماع من النبي - عليه السلام - روى له الجماعة سوى مسلم .

                                                وأما بسرة: فهي -بضم الباء الموحدة، وسكون السين المهملة- بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية، بنت أخي ورقة بن نوفل، وأخت عقبة بن أبي معيط لأمه، وهي خالة مروان بن الحكم، وجده عبد الملك بن مروان، روى لها الجماعة.

                                                والحديث أخرجه الأربعة، فأبو داود : عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر، أنه سمع عروة يقول: "دخلت على مروان بن الحكم فذكرنا ما [ ص: 69 ] يكون منه الوضوء، فقال مروان: ومن مس الذكر. فقال عروة: ما علمت ذاك. فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: من مس ذكره فليتوضأ".

                                                والترمذي : عن إسحاق بن منصور، أنا يحيى بن سعيد القطان ، عن هشام ابن عروة، قال: أخبرني أبي، عن بسرة بنت صفوان، أن النبي - عليه السلام - قال: "من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ".

                                                والنسائي : عن هارون بن عبد الله، حدثنا معن، أنبأنا مالك (ح).

                                                والحارث بن مسكين -قراءة عليه وأنا أسمع-[عن ابن القاسم] عن عبد الله ابن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: "دخلت على مروان بن الحكم فذكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: من مس الذكر الوضوء. فقال عروة: ما علمت ذلك، فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان، أنها سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ".

                                                وابن ماجه : عن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن عبد الله بن إدريس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن مروان بن الحكم ، عن بسرة بنت صفوان، قالت: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ".

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : عن إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ... إلى آخره نحو رواية الطحاوي.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه" : عن أبي زكرياء يحيى بن إبراهيم ، عن أبي العباس [ ص: 70 ] محمد بن يعقوب ، عن الربيع بن سليمان ، عن الشافعي ، عن مالك ... إلى آخره نحو رواية أبي داود .

                                                وقال عبد الله بن أحمد : وجدت في كتاب أبي بخط يده: نا أبو اليمان، أنا شعيب ، عن الزهري، قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري، أنه سمع عروة بن الزبير يقول: "ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مس الذكر إذا أفضى إليه الرجل بيده، فأنكرت ذلك [عليه] وقلت: لا وضوء على من مسه. فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - عليه السلام - يذكر ما يتوضأ منه، قالت: فقال رسول الله - عليه السلام -: ويتوضأ من مس الذكر. قال عروة: فلم أزل أماري مروان حتى دعا رجلا من حرسه، فأرسله إلى بسرة فسألها عما حدثت من ذلك، فأرسلت إليه بسرة مثل الذي حدثني عنها مروان".

                                                ولما أخرج الترمذي هذا الحديث قال: وفي الباب عن أم حبيبة وأبي أيوب وأبي هريرة وأروى ابنة أنيس وعائشة وجابر وزيد بن خالد وعبد الله بن عمرو .

                                                قلت: وفي الباب عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وطلق بن علي - رضي الله عنهم -.

                                                فحديث أم حبيبة عند ابن "ماجه" : نا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي، نا مروان بن محمد، نا الهيثم بن حميد، نا العلاء بن حارث ، عن مكحول ، عن عنبسة بن أبي سفيان ، عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: "من مس فرجه فليتوضأ".

                                                وأخرجه الطبراني : عن بكر بن سهل ، عن عبد الله بن يوسف ، عن الهيثم ابن حميد ... إلى آخره نحوه [1\ق117- أ] .

                                                [ ص: 71 ] وأخرجه الطحاوي : أيضا، وأعله بأنه منقطع على ما يأتي.

                                                وحديث أبي أيوب عند ابن ماجه أيضا: نا سفيان بن وكيع، نا عبد السلام ابن حرب ، عن إسحاق بن أبي فروة ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد القاري ، عن أبي أيوب قال: سمعت النبي - عليه السلام - يقول: "من مس فرجه فليتوضأ".

                                                وإسحاق ابن أبي فروة متروك باتفاقهم وقد اتهمه بعضهم بالوضع.

                                                وحديث أبي هريرة عند ابن حبان في "صحيحه" : عن يزيد بن عبد الملك ونافع بن أبي نعيم القاري ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا (حائل) فليتوضأ".

                                                ورواه الحاكم في "مستدركه" : وصححه، ورواه أحمد في "مسنده" : والدارقطني في "سننه" والبيهقي أيضا ولفظه فيه: "من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة".

                                                وأخرجه الطحاوي : أيضا وعلله بيزيد بن عبد الملك وقد أغلظ العلماء القول فيه، فقال أبو زرعة: واهي الحديث. وغلظ فيه القول جدا، وقال النسائي: متروك الحديث وقال الساجي: ضعيف منكر الحديث واختلط بأخرة؛ فإذن عرفت تساهل ابن حبان والحاكم في الصحيح.

                                                [ ص: 72 ] وحديث أروى عند ابن منده وأبي نعيم الأصبهاني : عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن أروى بنت أنيس، عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "من مس فرجه فليتوضأ".

                                                وذكرها ابن الأثير : في الصحابيات وذكر هذا الحديث أيضا ثم قال: وقيل: أبو أروى .

                                                وذكره في الكنى : أبو أروى الدوسي حجازي .

                                                وهذا كما ترى فيه خلاف.

                                                وحديث عائشة عند الدارقطني في "سننه" : نا الحسين بن إسماعيل، نا يحيى ابن معلى بن منصور، نا عتيق بن يعقوب، حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر ابن حفص العمري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله - عليه السلام - قال: "ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضئون. قالت عائشة: بأبي وأمي، هذا للرجال، أفرأيت النساء؟ قال: إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة" وهو معلول بعبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، قال أحمد: كان كذابا. وقال النسائي وأبو حاتم وأبو زرعة: متروك. زاد أبو حاتم: وكان يكذب.

                                                [ ص: 73 ] وقد روى أبو يعلى في "مسنده" حديثا يعارض هذا وينافيه، فقال: نا الجراح ابن مخلد، نا عمر بن يونس اليمامي، ثنا المفضل بن [ثواب]، حدثني حسين بن أوزع ، عن أبيه، عن سيف بن عبد الله الحميري قال: "دخلت أنا ورجال معي على عائشة - رضي الله عنها - فسألناها عن الرجل يمس فرجه أو المرأة تمس فرجها، فقالت: سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: ما أبالي إياه مسست أو أنفي".

                                                وأخرج الطحاوي حديث عائشة في نقض مس الفرج الوضوء، وأجاب عنه كما يأتي إن شاء الله تعالى.

                                                وحديث جابر عند ابن ماجه : نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا معن بن عيسى (ح).

                                                ونا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، نا عبد الله بن نافع، جميعا عن ابن أبي [ذئب] عن عقبة بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء".

                                                وأخرجه الطحاوي : أيضا، وأعله بالإرسال، وقد قال الشافعي أيضا: وسمعت جماعة من الحفاظ عن ابن نافع يروونه لا يذكرون فيه جابرا .

                                                وهم لا يحتجون بالمرسل.

                                                وحديث زيد بن خالد عند أحمد في "مسنده" : عن ابن إسحاق، حدثني

                                                [ ص: 74 ] محمد بن مسلم الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن خالد الجهني، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من مس فرجه فليتوضأ".

                                                ورواه البزار والطبراني أيضا.

                                                وأخرجه الطحاوي : أيضا وأجاب عنه على ما يأتي.

                                                وحديث عبد الله بن عمرو عند أحمد والبيهقي : عن بقية بن الوليد ، عن محمد بن الوليد الزبيدي، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [1\ق117-ب] "أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ".

                                                وأخرجه الطحاوي : أيضا على ما يأتي إن شاء الله.

                                                وحديث عبد الله بن عمر عند الدارقطني في "سننه" : عن إسحاق بن محمد الفروي، نا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر، أن رسول الله - عليه السلام - قال: "من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة".

                                                ورواه الطبراني في "الكبير" والبزار في "مسنده" : ولفظهما "من مس فرجه فليتوضأ".

                                                [ ص: 75 ] وأخرجه الطحاوي أيضا وأعله بصدقة بن عبد الله على ما يأتي، وفي سند الطبراني العلاء بن سليمان، وفي سند البزار هاشم بن زيد، وكلاهما ضعيفان جدا.

                                                وحديث طلق بن علي عند الطبراني في "الكبير" : نا الحسن بن علي الفسوي، نا محمد بن حماد بن محمد الحنفي، نا أيوب بن عتبة ، عن قيس بن طلق ، عن أبيه طلق بن علي -وكان من الوفد الذين وفدوا على رسول الله - عليه السلام -- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار".

                                                وبه عن أبيه أن النبي - عليه السلام - قال: " من مس ذكره فليتوضأ ". انتهى.

                                                قلت: ويعارضه حديثه الآخر وهو ما رواه الطحاوي وغيره على ما يأتي: "أنه سأل رسول الله - عليه السلام - أمن مس الذكر وضوء؟ قال: لا".

                                                والقياس يشهد لترجيح هذا؛ فيكون ناسخا للأول على تقدير صحته، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية