الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                496 497 498 499 ص: وقد شد ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيضا، فذكروا ما حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: نا بشر بن بكر، قال: أنا موسى بن علي ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر ، قال: "أبردت من الشام إلى عمر بن الخطاب ، فخرجت من الشام يوم الجمعة ودخلت المدينة يوم الجمعة، فدخلت على عمر ، - رضي الله عنه - وعلي خفان لي [ ص: 143 ] جرمقانيان، فقال لي: متى عهدك يا عقبة بخلع خفيك؟ فقلت: لبستهما يوم الجمعة وهذه الجمعة. فقال لي: أصبت السنة".

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: نا إبراهيم بن أبي الوزير ، قال: نا المفضل بن فضالة ( -قاضي أهل مصر - عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن الحكم البلوي ، عن عقبة بن عامر بمثله.

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو ، وابن لهيعة ، والليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن الحكم البلوي ، أنه سمع علي بن رباح اللخمي، يخبر عن عقبة بن عامر ..... فذكر مثله، غير أنه قال: "قد أصبت". ولم يقل: "السنة"، " . قالوا: فقول عمر - رضي الله عنه - هذا لعقبة: " " أصبت السنة" يدل على أن ذلك عنده عن النبي - عليه السلام - لأن السنة لا تكون إلا عنه [1\ق131-ب] .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وقد قوى وأكد ما ذهبوا إليه ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

                                                وفي بعض النسخ: "وقد شيد ذلك" من التشييد وهو الإحكام والإتقان، ثم إنه أخرج أثر عمر - رضي الله عنه - من ثلاث طرق صحاح:

                                                الأول: عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن بشر بن بكر التنيسي ، عن موسى ابن علي -بضم العين وفتح اللام- بن رباح اللخمي- أمير مصر لأبي جعفر المنصور- عن أبيه علي بن رباح بن قصير اللخمي ، عن عقبة بن عامر الجهني الصحابي - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه" : أنا الحافظ أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، نا بشر بن بكر، نا موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: "خرجت من الشام إلى المدينة [يوم [ ص: 144 ] الجمعة] فدخلت على عمر بن الخطاب، فقال لي: متى أولجت خفيك في رجليك؟ قلت: يوم الجمعة، قال: فهل نزعتهما؟ [قلت] لا. قال: أصبت السنة".

                                                الثاني: رواه عن أبي بكرة بكار ، عن إبراهيم بن أبي الوزير، وهو إبراهيم بن عمر بن مطرف الهاشمي مولاهم المكي أبي عمرو ، عن المفضل بن فضالة بن عبيد -قاضي مصر - عن يزيد بن أبي حبيب سويد المصري ، عن عبد الله بن الحكم البلوي ، عن عقبة بن عامر .

                                                وأخرجه البيهقي : أيضا نا علي بن أحمد بن عبدان، نا أحمد بن عبيد، نا عبيد بن شريك، نا يحيى بن بكير، نا مفضل بن فضالة، إلى آخره نحوه.

                                                الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى المصري شيخ مسلم ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن عمرو بن الحارث المصري وعبد الله بن لهيعة المصري والليث بن سعد المصري، ثلاثتهم عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن الحكم البلوي ... إلى آخره.

                                                وأخرجه الدارقطني في "سننه" : نا أبو بكر النيسابوري، نا يونس بن عبد الأعلى، نا ابن وهب، أخبرني حيوة، سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول: حدثني عبد الله بن الحكم ، عن علي بن رباح، أن عقبة بن عامر حدثه: "أنه قدم على عمر - رضي الله عنه - بفتح دمشق، قال: وعلي خفان، فقال لي عمر: كم لك يا عقبة منذ لم تنزع خفيك؟ فتذكرت من الجمعة إلى الجمعة، فقلت: منذ ثمانية أيام. قال: أحسنت، أو أصبت السنة".

                                                [ ص: 145 ] قوله: "أبردت من الشام " على صيغة المجهول من الإبراد وهو إتيان الرسول، والمعنى: أرسلت من الشام بريدا، والبريد هو الرسول، وهو في الأصل كلمة فارسية يراد بها في [الأصل] البغل، وأصلا بريده دم. أي: محذوف الذنب؛ لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها، فأعربت وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا، والمسافة التي بين السكتين بريدا.

                                                قوله: "وعلي خفان" جملة وقعت حالا.

                                                وقوله: "لي" جملة صفة للخفين، ومحلها من الإعراب الرفع.

                                                و"جرمقانيان" أيضا صفة أخرى وهي نسبة إلى الجرمقان -بضم الجيم، وسكون الراء، وضم الميم، بعدها قاف، وبعدها ألف، وآخره نون- اسم موضع، قال الجوهري: الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلام العرب إلا أن يكون معربا أو حكاية صوت.

                                                قوله: "قالوا" أي: القوم المذكورون.




                                                الخدمات العلمية