الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                629 ص: وذهبوا في ذلك إلى ما حدثنا ابن أبي داود، قال: أنا نعيم بن حماد، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن القاسم بن محمد ، عن زينب بنت جحش قالت: " سألت امرأة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها مستحاضة، فقال: لتجلس أيام أقرائها، ، ثم تغتسل، وتؤخر الظهر وتعجل العصر، وتغتسل فتصلي، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل وتصلي، وتغتسل للفجر". .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ذهب هؤلاء الآخرون في ذلك، أي فيما ذهبوا إليه من الذي بينه الطحاوي، إلى ما حدثنا.. وهو حديث زينب بنت جحش.

                                                وإسناده منقطع؛ لأن القاسم لم يدرك زينب أصلا، على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

                                                ونعيم بن حماد المروزي الأعور مختلف فيه، وإن كان قد أخرج له الجماعة غير النسائي، فإنه كان يضعفه جدا وابن المبارك هو عبد الله بن المبارك، وزينب بنت جحش الأسدية أم المؤمنين -رضي الله عنها- وأخرجه الطبراني في "الكبير" عن محمد بن حاتم المروزي ، عن حسان بن موسى وسويد بن نصر .

                                                وعن يحيى بن عثمان ، عن نعيم بن حماد، قالوا: أنا ابن المبارك ... إلى آخره نحوه.

                                                [ ص: 327 ] قوله: "سألت امرأة" قيل: إنها سهلة بنت سهيل، وقيل: هي بادنة بنت غيلان، وقيل: هي أم حبيبة.

                                                قوله: "أيام أقرائها" أي: أيام حيضها وهو جمع قرء، وقال ابن سيده: هو الحيض، والطهر ضد، وذلك أن القرء: الوقت، فقد يكون للحيض والطهر، والجمع أقراء وقروء وأقرؤ، الأخيرة عن اللحياني، ولم يعرف سيبويه أقراء ولا أقرءا، استغنوا عنه بفعول، وفي التنزيل: ثلاثة قروء أراد ثلاثة قروء من قروء: وأقرأت المرأة، وهي مقرئ، حاضت وطهرت، وقرأت إذا رأت الدم، والمقرأة التي ينظر بها انقضاء أقرائها.

                                                وفي "المنتهى" لأبي المعالي: قال تعالى: ثلاثة قروء وهي أوقات الحيض أو الطهر؛ أراد به الوقت لأن الحيض مؤنثة، ويجوز أنه أراد الطهر، والوقت أصح، قال أهل العراق : هي الحيض. وقال أهل المدينة : هي الطهر، والأصل فيه الوقت على ما بينا، وأقرأت المرأة: حاضت، قيل: قرت - بلا ألف - يقال: قرت حيضة أو حيضتين، وقيل: أقرأت: انتقلت من وقت إلى وقت، أي من وقت الحيض إلى وقت الطهر، ومن وقت الطهر إلى وقت الحيض.

                                                وقال بعضهم: القرء انفصال الطهر أو الحيض. وقيل: ما بين الحيضتين.

                                                قلت: وفيه حجة لأبي حنيفة على الشافعي؛ حيث حمل القرء على الحيض في باب العدة، والشافعي على الطهر؛ وذلك لأنه لا يمكن أن يكون معنى قوله: "تجلس أيام أقرائها" أيام طهرها، وإنما المعنى أيام حيضها.




                                                الخدمات العلمية