الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              حرف الراء المهملة

                                                                                                                                                                                                                              «الراجي » :

                                                                                                                                                                                                                              اسم فاعل من الرجاء ضد الخوف، وهو تعلق القلب بمحبوب سيحصل.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: الثقة بالجود من الكريم الموجود. وقيل: سرور الفؤاد بحسن الميعاد، وفرق بعضهم بينه وبين التمني بأنه يصاحب الكسل ولا يسلك معه طريق الجد والاجتهاد، والرجاء بخلافه، وبأن الرجاء يختص بالممكن والتمني يستعمل فيه وفي المحال لأن ماهية التمني محبة حصول الشيء سواء كان مع انتظار وترقب أم لا، وتختص به ليت نحو: ليت الشباب يعود.

                                                                                                                                                                                                                              والترجي ارتقاب ما لا يوثق بحصوله مع إمكانه، وتختص به «لعل » في المحبوب نحو لعل العدو يموت.

                                                                                                                                                                                                                              «الراضع » :

                                                                                                                                                                                                                              وفي ذكر مثله نظر.

                                                                                                                                                                                                                              «الراضي » :

                                                                                                                                                                                                                              أخذه «د » من قوله تعالى: ولسوف يعطيك ربك فترضى وهو القانع بما أعطي، اسم فاعل من الرضا ورضا العبد عن الكرب أن لا يكره ما يجري به قضاؤه، ورضا الرب عن العبد أن يراه مؤتمرا بأوامره منتهيا عن نواهيه.

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم وغيره عن عبد الله بن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى في إبراهيم: رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم وقول عيسى: إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية. فرفع يديه وقال: «اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك . [ ص: 463 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال «د » وهذا الحديث هو تفسير الآية.

                                                                                                                                                                                                                              «الراغب » :

                                                                                                                                                                                                                              اسم فاعل من رغب إليه كسمع رغبا محركا ورغبا بالفتح وقد تضم ورغباء كصحراء ورغوبا ورغبانا ورغبة بالضم ويحرك: إذا ابتهل وتضرع أو سأل وقد يعدى بفي.

                                                                                                                                                                                                                              ومعناه الإرادة والحرص على الشيء. وأصل الرغبة: الاتساع، حوض رغيب أي واسع والرغبة كثرة العطاء قال الله تعالى: وإلى ربك فارغب قال ابن مسعود : أي فاجعل رغبتك إليه دون من سواه. وقال ابن عباس : إذا فرغت صلاتك وتشهدك فانصب إلى ربك وسله حاجتك.

                                                                                                                                                                                                                              وقال: تضرع إليه راهبا من النار راغبا في الجنة. وقرأ ابن أبي عبلة: فرغب من الترغيب والاسم منه الرغب.

                                                                                                                                                                                                                              «الرافع » :

                                                                                                                                                                                                                              الذي رفع به قدر أمته وشرفوا باتباع ملته، وهو من أسمائه تعالى، ومعناه الذي يرفع المؤمنين بالإسعاد ويخفض الكافرين بالإبعاد.

                                                                                                                                                                                                                              «راكب البراق » :

                                                                                                                                                                                                                              ذكره «د » وسيأتي الكلام عليه في باب الإسراء.

                                                                                                                                                                                                                              «راكب البعير » :

                                                                                                                                                                                                                              هو من أسمائه صلى الله عليه وسلم في الكتب السالفة.

                                                                                                                                                                                                                              «راكب الجمل » :

                                                                                                                                                                                                                              قال «د » : ورد في كتاب نبوة شعيا وهو ذو الكفل- عليه الصلاة والسلام- أنه قال قيل لي: قم نظارا فانظر ما ترى فأخبر عنه. فقلت: رأيت راكبين مقبلين أحدهما على حمار والآخر على جمل، فنزل يقول أحدهما لصاحبه سقطت بابل وأصنامها.

                                                                                                                                                                                                                              قال فراكب الحمار عيسى وراكب الجمل محمد صلى الله عليهما وسلم، لأن ملك بابل إنما ذهب بنبوته وسيفه على يد أصحابه كما وعدهم به. قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: ولهذا قال النجاشي لما جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به: أشهد أن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عساكر : إن قيل لم خص بركوب الجمل؟ وقد كان صلى الله عليه وسلم يركب الفرس والحمار.

                                                                                                                                                                                                                              فالجواب: أن المعنى به أنه من العرب لا من غيرهم، لأن الجمل مركب للعرب يختص بهم لا ينسب إلى غيرهم من الأمم.

                                                                                                                                                                                                                              «راكب الناقة » :

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه صلى الله عليه وسلم في الكتب السالفة.

                                                                                                                                                                                                                              «راكب النجيب » . [ ص: 464 ]

                                                                                                                                                                                                                              «الرجل » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الراء وكسر الجيم وفتحها أيضا: أي رجل الشعر أي كأنه مشيط وليس بالسبط ولا الجعد، أي ليس بالبين السبوطة ولا الجعودة، بل بينهما. ولهذا مزيد بيان في صفاته صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «الرجيح » :

                                                                                                                                                                                                                              الزائد على غيره في الفضل، فعيل بمعنى فاعل من الرجحان وهو الزيادة، يقال رجح الميزان يرجح بكسر الجيم وبفتحها رجحانا إذا مالت إحدى كفتيه عن الأخرى لزيادة ما فيها.

                                                                                                                                                                                                                              «الرحب الكف » :

                                                                                                                                                                                                                              أي واسعة أو الكثير العطاء. قلت قد كان صلى الله عليه وسلم موصوفا بهما.

                                                                                                                                                                                                                              «رحمة الأمة » .

                                                                                                                                                                                                                              «رحمة العالمين » :

                                                                                                                                                                                                                              قال تعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فهو صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع الخلق، المؤمن بالهداية والمنافق بالأمان من القتل، والكافر بتأخير العذاب عنه.

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو بكر بن طاهر رحمه الله تعالى: زين الله محمدا صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة، فكان كونه رحمة وجميع شمائله وصفاته رحمة على الخلق، وحياته رحمة ومماته رحمة، كما

                                                                                                                                                                                                                              قال صلى الله عليه وسلم: حياتي خير لكم ومماتي خير لكم

                                                                                                                                                                                                                              وكما قال صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله رحمة بأمة قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا.

                                                                                                                                                                                                                              الفرط بفتح الفاء والراء: هو الذي يتقدم الواردين فيهيئ لهم ما يحتاجون إليه.

                                                                                                                                                                                                                              «رحمة مهداة » .

                                                                                                                                                                                                                              روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا رحمة مهداة . ورواه الطبراني

                                                                                                                                                                                                                              بلفظ «بعثت رحمة مهداة » قال ابن دحية رحمه الله: معناه أن الله تعالى بعثني رحمة للعباد لا يريد لها عوضا، لأن المهدي، إذا كانت هديته عن رحمة لا يريد لها عوضا.

                                                                                                                                                                                                                              «الرؤوف الرحيم » :

                                                                                                                                                                                                                              قال تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . [ ص: 465 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال الأستاذ أبو بكر بن فورك رحمه الله تعالى: أعطاه الله تعالى هذين الاسمين من أسمائه. والرأفة شدة الرحمة وأبلغها. قال ابن دحية : خاصيتها أنها لدفع المكاره والشدائد، والرحمة طلب المحاب، ولهذا قدمت الرأفة عليها. والرحمة في كلام العرب العطف والإشفاق والرأفة، وهو صحيح في حقه صلى الله عليه وسلم إذ هو أرحم الخلق وأعطفهم وأشفقهم وأرقهم قلبا، وهي لهذا المعنى محال في حقه تبارك وتعالى فتؤول بلازمها وهو إرادة الخير لأهله، وإعطاء ما لا يستحقه العبد من المثوبة، ودفع ما يستوجبه من العقوبة «عا » والفرق بين الرأفة والرحمة أن الرأفة إحسان مبدؤه شفقة المحسن والرحمة إحسان مبدؤه فاقة المحسن إليه.

                                                                                                                                                                                                                              ولهذا مزيد بيان في باب شفقته صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «الرسول » :

                                                                                                                                                                                                                              يأتي الكلام عليه في أبواب بعثته صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «رسول الله » .

                                                                                                                                                                                                                              رسول الرحمة. ورد في الحديث السابق في إمام الخير ومعناه واضح لأنه أرسل للرحمة. كما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                              «رسول الملاحم » :

                                                                                                                                                                                                                              جمع ملحمة. بفتح الميم، وهو موضع القتال والحرب مأخوذة من لحمة الثوب لاشتباك الناس في الحرب واختلاطهم كاشتباك اللحمة بالسدى. وقيل من اللحم لكثرة لحوم القتلى في المعركة وسمي بذلك لأنه أرسل بالجهاد والسيف.

                                                                                                                                                                                                                              «الرشيد » :

                                                                                                                                                                                                                              فعيل من الرشد بضم الراء وسكون الشين وبفتحها أو الثاني أخص من الأول، فإنه يقال في الأمور الدنيوية والأخروية، والأول للأخروية فقط، وهو الاستقامة في الأمور بمعنى راشد أي المستقيم. أو بمعنى المرشد أي الهادي، قال تعالى: وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم أي ترشد إلى الدين القيم، قال عمه أبو طالب:


                                                                                                                                                                                                                              حليم رشيد عادل غير طائش يوالي إلها ليس عنه بغافل

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه تعالى، ومعناه الذي تنساق تدبيراته إلى غاياتها على سنن السداد من غير استشارة ولا إرشاد أو الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم.

                                                                                                                                                                                                                              «الرضا » .

                                                                                                                                                                                                                              «الرضوان » :

                                                                                                                                                                                                                              أي ذو الرضا أو هو رضوان الله سبحانه وتعالى على عباده.

                                                                                                                                                                                                                              «رضوان الله »

                                                                                                                                                                                                                              بكسر الراء: الرضا. أي رضا الله تعالى على عباده وقيل في قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              يهدي به الله من اتبع رضوانه
                                                                                                                                                                                                                              أي اتبع رسوله. [ ص: 466 ]

                                                                                                                                                                                                                              «الرفيق » :

                                                                                                                                                                                                                              فعيل بمعنى مفعل من الرفق وهو اللطف وكان صلى الله عليه وسلم منه بمكان.

                                                                                                                                                                                                                              «الرفيع الذكر » :

                                                                                                                                                                                                                              قال الله تعالى: ورفعنا لك ذكرك روى ابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتاني جبريل فقال: إن ربك يقول: تدري كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم. قال: إذا ذكرت ذكرت معي .

                                                                                                                                                                                                                              «عا » ومعناه العلي أو رفيع الدرجات على غيره أو رفيع الذكر بمعنى مرفوعة أو رافع هذه الأمة بالإيمان بعد انخفاضهم بذل الكفر والعصيان فهو بمعنى الرافع ومن أسمائه تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              الرفيع.

                                                                                                                                                                                                                              «رفيع الدرجات » :

                                                                                                                                                                                                                              أخذه «ط » من قوله تعالى: ورفع بعضكم فوق بعض درجات والمراد به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال مجاهد: ورفعه بما خصه به من بدائع الفضل الذي لم يؤته نبي قبله، وسيأتي بيان ذلك في الخصائص.

                                                                                                                                                                                                                              «الرقيب » :

                                                                                                                                                                                                                              الذي يراقب الأشياء، ويحفظها: فعيل بمعنى فاعل من المراقبة وهي الحفظ، يقال رقبت الشيء أرقبه إذا رعيته أو العالم.

                                                                                                                                                                                                                              قال بعض السادة: المراقبة علم العبد باطلاع الرب.

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه تعالى، ومعناه المطلع على الضمائر العالم بما في السرائر.

                                                                                                                                                                                                                              «ركن المتواضعين » :

                                                                                                                                                                                                                              وقع في كتاب شعيا تسميته صلى الله عليه وسلم به كما تقدم في باب ذكره في التوراة والإنجيل.

                                                                                                                                                                                                                              «الرهاب » :

                                                                                                                                                                                                                              يقال للمبالغة من الرهب بضم الراء وسكون الهاء وبفتحها، وهو الخوف لا من الترهب لأن أمثلة المبالغة لا تبنى غالبا إلا من ثلاثي مجرد، ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الرهبانية فلا يصف بها نفسه، وفي الحديث:

                                                                                                                                                                                                                              واجعلني لك شكارا لك رهابا » رواه ابن ماجة .

                                                                                                                                                                                                                              «الروح » :

                                                                                                                                                                                                                              في الأصل: ما يقوم به الجسد وسمي به صلى الله عليه وسلم والقرآن وجبريل والرحمة والوحي، لأن كل واحد فيها حياة الخلق بالهداية بعد موتهم بالضلالة وكشف العذاب عنهم كما يحيا الجسد بالروح. وقيل في تفسير قوله تعالى: يوم يقوم الروح إنه النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل جبريل. وقيل غيره.

                                                                                                                                                                                                                              «روح الحق » .

                                                                                                                                                                                                                              «روح القدس »

                                                                                                                                                                                                                              «د » : وردا في الإنجيل ومعنى روح القدس: الروح المقدسة أي الطاهرة [ ص: 467 ] من الأدناس فيكون من باب إضافة الموصوف إلى الصفة. والحق إما أن يراد به الله تعالى وإضافة الروح إليه تشريف، كما سمي عيسى روح الله. أو يراد به النبي صلى الله عليه وسلم وتكون الإضافة للبيان أي روح هو الحق.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية