الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت ) لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى لا تجب مع اليسار وقد حصلت بمضي المدة ، بخلاف نفقة الزوجة إذا قضى بها القاضي لأنها تجب مع يسارها فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى . قال ( إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة عليه ) لأن القاضي له ولاية عامة فصار إذنه كأمر الغائب فيصير دينا في ذمته فلا تسقط بمضي المدة ، والله تعالى أعلم بالصواب .

التالي السابق


( قوله فمضت مدة سقطت ) هذا إذا طالت المدة ، فأما إذا قصرت لا تسقط وما دون الشهر قصيرة فلا تسقط . قيل وكيف لا تصير القصيرة دينا والقاضي مأمور بالقضاء ، ولو لم تصر دينا لم يكن للأمر بالقضاء بالنفقة فائدة ، ولو كان كل ما مضى سقط لم يمكن استيفاء شيء ، ومثل هذا قدمناه في غير المفروضة من نفقة الزوجات .

( قوله لأن نفقة هؤلاء تجب للحاجة ) وعن هذا ما قدمناه من أنه لو أعطاهم نفقة أو كسوة فسرقت أو هلكت كان عليه أخرى لأن الحاجة لم تندفع بما سرق ، ولو كان مثل ذلك في حق الزوجة ليس عليه أخرى حتى تنقضي مدة تلك النفقة والكسوة لأنها للزوجة ليست شرعا لحاجتها بل لاحتباسها في تلك المدة وبالتلف قبل مضي تلك المدة لم ينتف الاعتياض عنها .

( قوله إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة فلا تسقط ) وإن كان في نفقة [ ص: 426 ] ذوي الأرحام لما ذكر في الكتاب ، وما ذكره في زكاة الجامع أن دين نفقة الزوجات والأقارب بعد القضاء مانع من وجوب الزكاة لأن له مطالبا من جهة العباد فسوى نفقة الزوجات والأقارب اختلفوا فيه ، قيل : محمله في نفقة الأقارب ما إذا أذن القاضي في الاستدانة واستدانوا حتى احتاجوا إلى وفاء الدين ، أما إذا لم يستدينوا بل أكلوا من الصدقة لا تصير النفقة دينا ، وإلى هذا مال السرخسي وحكم به كثير من القضاة المتأخرين ونصروه وقيدوا إطلاق الهداية به ، وقيل : محمله ما إذا قصرت المدة بأن تكون شهرا فأقل ، والله سبحانه أعلم .




الخدمات العلمية