الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا ملك الرجل امرأته أو شقصا منها أو ملكت المرأة زوجها أو شقصا منه وقعت الفرقة ) للمنافاة بين الملكين . أما ملكها إياه فللاجتماع بين المالكية والمملوكية ، وأما ملكه إياها فلأن ملك النكاح ضروري ولا ضرورة مع قيام ملك اليمين فينتفي النكاح ( ولو اشتراها ثم طلقها لم يقع شيء ) لأن الطلاق يستدعي قيام النكاح ، ولا بقاء له مع المنافي لا من وجه ولا من كل وجه ، وكذا إذا ملكته أو شقصا منه لا يقع الطلاق لما قلنا من المنافاة . وعن محمد أنه يقع لأن العدة واجبة . بخلاف الفصل الأول لأنه [ ص: 43 ] لا عدة هناك حتى حل وطؤها له .

التالي السابق


( قوله وإذا ملك الرجل امرأته أو شقصا منها ) أي سهما بأن كان تزوج أمة لغيره ثم اشتراها جميعها منه أو سهما منها أو وهبها أو ورثها أو ملكت المرأة زوجها أو شقصا منه بأن تزوجت الحرة عبد الغير ثم اشترته جميعه منه أو سهما منه أو وهبه لها أو ورثته ( وقعت الفرقة ) بينهما فسخا للمنافاة بين الملكين ملك الرقبة وملك النكاح ، أما في ملكها إياه فللاجتماع بين المالكية والمملوكية فيها ، وقد تقدم تقرير هذا في فصل المحرمات وتحريره فارجع إليه ، وأما في ملكه إياها فلأن ملك النكاح ضروري لأن إثباته على الحرة لحاجة بقاء النسل فكان ملك النكاح في الأصل مع المنافي وهو حرية المملوكة للضرورة .

وقد اندفعت الضرورة بقيام ملك اليمين لثبوت الحل الأقوى به فيرتفع الأضعف الضروري للاستغناء عنه ، وهذا ظاهر في ملك الأمة كلها ، وأما في ملك بعضها فأقيم ملك اليمين مقام الحل لأنه سببه احتياطا ، وهذا بخلاف المكاتب إذا اشترى زوجته لا يقع بينهما فرقة لأنه لم يثبت له فيها حقيقة ملك لقيام الرق بل الثابت له حق الملك ، وهو لا يمنع بقاء النكاح ( قوله ولو اشتراها ثم طلقها لم يقع شيء لأن الطلاق يستدعي قيام النكاح ولا بقاء له مع المنافي ، لا من وجه ) كما في ملك البعض ( ولا من كل وجه ) كما في ملك الكل .

( وكذا إذا ملكته أو شقصا منه لا يقع الطلاق لما قلنا من المنافاة ، وعن محمد يقع ) وإنما قلنا وعن محمد لأنه لا فرق بين [ ص: 43 ] الفصلين في عدم الوقوع في ظاهر الرواية ، والمنقول عن محمد في هذا الفصل في المنظومة من الوقوع فيما إذا أعتقته ، أما إذا لم تعتقه حتى طلقها لا يقع الطلاق بالاتفاق ، وتفصيل محمد على هذا أنه لا عدة هناك عليها : يعني منه حتى حل له وطؤها بملك اليمين ، وظاهره أنه يحل تزويجه إياها كما حل له وطؤها لعدم العدة وقد قيل به نقله في الكافي .

قال : لو زوجها سيدها الذي كان زوجها جاز ثم قال : والصحيح أنه لا يجوز تزويجها من آخر قال : فعلم أنه لا تجب العدة عليها في حق من اشتراها وفي حق غيره روايتان ، وهذا لأن العدة إنما تجب لاستبراء الرحم عن الماء ، ويستحيل استبراء رحمها من ماء نفسه مع بقاء السبب الموجب للحل .

وإذا عرفت هذا فعلى ما هو الصحيح ينبغي عدم التفصيل لمحمد ، إذ قد ظهر أن العدة هناك أيضا قائمة غير أنها لا تظهر في حقه . وجه قول أبي يوسف أن الفرقة متى وقعت بسبب التنافي تخرج المرأة من أن تكون محلا للطلاق ، وإذا خرجت من المحلية فحاجتنا إلى إثبات المحلية ابتداء بعد العتق ومجرد العدة لا يثبت المحلية ابتداء كما في النكاح الفاسد . واعلم أن شمس الأئمة حكى في المبسوط الخلاف على عكس هذا ولم يخصه بما إذا ملكته بل إجراء في الفصلين ، فإنه ذكر مسألة المهاجرة وهي ما إذا هاجرت فانفسخ نكاحها فهاجر بعدها وهي في العدة على قولهما لم يقع طلاقه ، فقال في المبسوط : وقيل هذا قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد ، فأما على قول أبي يوسف الآخر يقع طلاقه . ثم قال : وهو نظير ما لو اشترى الرجل امرأته بعدما دخل بها ثم أعتقها وطلقها في العدة لا يقع طلاقه في قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد ، وفي قول أبي يوسف الآخر يقع ، وكذا الخلاف فيما لو اشترت المرأة زوجها : يعني فأعتقته فحكي الخلاف في الصورتين .




الخدمات العلمية