الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 273 ] ( وإذا أطعم عن ظهارين ستين مسكينا كل مسكين صاعا من بر لم يجزه إلا عن واحد منهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمد يجزئه عنهما ، وإن أطعم ذلك عن إفطار وظهار أجزأه عنهما ) له أن بالمؤدى وفاء بهما والمصروف إليه محل لهما فيقع عنهما كما لو اختلف السبب أو فرق في الدفع . ولهما أن النية في الجنس الواحد لغو وفي الجنسين معتبرة ، وإذا لغت النية والمؤدى يصلح كفارة واحدة لأن نصف الصاع أدنى المقادير فيمنع النقصان دون الزيادة فيقع عنهما كما إذا نوى أصل الكفارة بخلاف ما إذا فرق في الدفع لأنه في الدفعة الثانية في حكم مسكين آخر

التالي السابق


( قوله عن ظهارين ) سواء كانا من امرأة أو امرأتين ( قوله له إلخ ) حاصل الوجه أنه وجد المقتضي للوقوع عنهما فيقع ، وذلك لأن المقتضي للإجزاء عنهما صرف الكمية التي تجزي عن كفارتين إلى المحل مقرونا بنية كونه عما عليه والكل ثابت فيلزم حكمه وهو الإجزاء .

والجواب منع وجود المقتضي ، وإنما يوجد لو كانت تلك النية معتبرة لكنها في الجنس الواحد لغو لأنها إنما اعتبرت لتمييز بعض الأجناس عن بعض لاختلاف الأغراض باختلاف الأجناس ، فلا يحتاج إليها في الجنس الواحد لأن الأغراض لا تختلف باعتباره فلا تعتبر فبقي نية مطلق الظهار وبمجردها لا يلزم أكثر من واحد ، وكون المدفوع لكل مسكين أكثر من نصف صاع لا يستلزم ذلك لأن نصف الصاع أدنى المقادير لا تمتنع الزيادة عليه بل النقصان ، بخلاف ما إذا فرق الدفع أو كانا جنسين . وقد يقال اعتبارها للحاجة إلى التمييز وهو محتاج إليه في أشخاص الجنس الواحد كما في الأجناس ، وقد ظهر أثر هذا الاعتبار فيما صرحوا به من أنه لو أعتق عبدا عن أحد الظهارين بعينه صح نية التعيين ولم تلغ حتى حل وطء التي عينها ، ومن الصور ظن أنه ظاهر منها فأعتق ثم تبين أنه ظاهر من غيرها لا يجزيه ، ومنها نية كفارة عمرة لا يجزيه عن نية كفارة زينب ، فهنا أيضا يجب أن لا يلغو [ ص: 274 ] لثبوت الغرض الصحيح في نية الظهارين وهو حلهما معا . أجيب بما حاصله ادعاء ثبوت المانع هنا وهو عدم سعة المحل للكفارتين ، فإن محلهما في الإطعام مائة وعشرون مسكينا ، بخلاف صورة الإعتاق ، وهذا يصير أصل الجواب تسليم وجوب المقتضى وادعاء المانع ، وهو رجوع وانقطاع عن طريق الأول إذ قد ظهر صحة . اعتبار النية في الجنس الواحد . ثم قد يقال عليه أن اعتبار الستين مائة وعشرين بالنظر إلى كفارتين ليس بأبعد من اعتبار الواحد ستين في كفارة واحدة باعتبار تجدد الحاجة والاتفاق على أن وظيفة الواحد مستهلكة بالنسبة إلى كفارة أخرى فهو كمحتاج آخر بالنسبة إليها فما دفع إلا مع قيام الحاجة بالنسبة إلى كفارة أخرى




الخدمات العلمية