الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال أنت طالق على ألف على أني بالخيار أو على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت فالخيار باطل إذا كان للزوج ، وهو جائز إذا كان للمرأة ، فإن ردت الخيار في الثلاث بطل ، وإن لم ترد طلقت ولزمها الألف ) وهذا عند أبي حنيفة ( وقالا : الخيار باطل في الوجهين ، والطلاق واقع وعليها ألف درهم ) لأن الخيار للفسخ بعد الانعقاد لا للمنع من الانعقاد ، والتصرفان لا يحتملان الفسخ من الجانبين لأنه في جانبه يمين ومن جانبها شرطها . [ ص: 231 ] ولأبي حنيفة أن الخلع في جانبها بمنزلة البيع حتى يصح رجوعها ، ولا يتوقف على ما وراء المجلس فيصح اشتراط الخيار فيه ، أما في جانبه يمين حتى لا يصح رجوعه ويتوقف على ما وراء المجلس ، ولا خيار في الأيمان ، وجانب العبد في العتاق مثل جانبها في الطلاق .

التالي السابق


( قوله فقبلت ) أي الطلاق على حكمه من التزام المال والخيار ( فالخيار باطل إذا كان للزوج ) فبمجرد قبولها ذلك يقع الطلاق ويلزمها المال ( وهو جائز إذا كان للمرأة ) فلا يقع بقبولها حتى تسقط الخيار أو تمضي الأيام ، فإذا كان ذلك وقع ولزمها المال ( فإن ردت الخيار في الأيام يبطل ) الطلاق ولزوم المال ( وهذا ) التفصيل كله ( عند أبي حنيفة ) ولا يخفى أن العبارة الجيدة أن يقال فإن ردت اختيار الطلاق بأن قالت لا أختار الطلاق ، وعبارة قاضي خان : فإن ردت الطلاق ( وقالا : الخيار في الوجهين باطل ، والطلاق واقع بمجرد قبولها ) وعليها المال ( وجه قولهما أن الخيار للفسخ بعد الانعقاد ) لأنه لم يشرع إلا في عقد لازم كالبيع والكتابة ( لا للمنع من الانعقاد والتصرفان ) : أعني إيجابه وقبولها ( لا يحتملان الفسخ من الجانبين ) أي لا منه ولا منها ( لأنه في جانبه يمين ) إذ حاصله تعليق الطلاق بقبولها المال ( وفي جانبها شرطه ) أي شرط هذه اليمين بتأويل الحلف ، فإذا قبلت كان ذلك [ ص: 231 ] وجود الشرط ، وشرط اليمين إذا وجدت لا يتصور فسخها فتعذر فسخها ، ولم يمكن جعل الخيار مانعا من الانعقاد لما مر فيبطل من الجانبين ، وإذا بطل انبرم ما شرط فيه ( وله أن الخلع في جانبها بمنزلة البيع ) يعني معاوضة ( ولذا صح رجوعها ) عنه إذا ابتدأت قبل أن يقبل هو ( ولا يتوقف على ما وراء المجلس ) بالاتفاق بيننا ، حتى لو قامت فقبل هو أو قامت ثم قبلت فيما إذا كان هو المبتدي لا يصح ، ولو ذكرته بصريح الشرط .

في الكافي للحاكم أبي الفضل إذا قالت إن طلقتني ثلاثا فلك علي ألف ، فإن فعل في المجلس فله الألف ، وإن فعله بعده فلا شيء له ( وفي جانبه يمين ) كما قالا ( حتى لا يصح رجوعه ) بعد قوله أنت أو هي طالق على كذا أو بكذا ( ويتوقف على ما وراء المجلس ) فلا يبطل إلا أن ينقضي مجلس خطابها أو مجلس بلوغها الخبر قبل أن يقبل ، ويصح تعليقه وإضافته ، حتى لو قال إذا جاء غد فقد خالعتك على ألف أو فقد طلقتك على ألف وقبلت في الغد في مجلس علمها وقع ولزمها المال ، ولا يصح قبولها قبل الغد لأن نفس الإيجاب معلق بالشرط وهو عدم قبله ، ولا يصح القبول قبل الإيجاب ( ولا خيار في الأيمان ) فبطل خياره ، ويصح في البيع فيصح خيارها ، وكونه شرط يمينه لا يبطل حقيقته في نفسه ; ألا ترى أنه لو قال إن بعتك هذا فعبدي حر يكون نفس البيع شرط يمينه حتى يعتق بوجوده ولم يبطل به كونه معاوضة مستلزمة لحكمها من وجوب التسليم والرد بالعيب وبالخيار ، بخلاف ما لو قال إن دخلت فأنت طالق على أنك بالخيار لا يصح لأنه خيار في الطلاق لا معاوضة . فإن قيل : ثبوت الخيار في البيع بالنص على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره .

فالجواب أنا أثبتناه هنا بدلالة النص ، فإن ثبوته في البيع لدفع الغبن في الأموال والغبن في النفوس أضر ، والحاجة إلى التروي فيه أكثر ، فإنه ربما يفوتها هذا الازدواج على وجه لا يحصل مثله لها أبدا ، وهذا المعنى يقف عليه كل لغوي بعد علمه بشرعيته في البيع فكان بدلالة النص ( قوله وجانب العبد في العتاق ) أي على مال ( كجانبها في الطلاق ) فيصح فيه شرط الخيار له إذا قال أنت حر على ألف على أنك بالخيار ثلاثة أيام .

[ ص: 232 ] فرع ]

من صور تعليق الخلع أن يقول : إن دخلت الدار فقد خلعتك على ألف فتراضيا عليه ففعلت صح الخلع ، ذكره في علامة السين من التجنيس ، لأن التعليق من الزوج يجوز لأنه طلاق ، وهذا يفيد أن قبولها قبل الشرط .

وفي الوجيز : إذا قال إذا قدم فلان فقد خالعتك على ألف وإذا جاء غد إلخ كان القبول إليها بعد مجيء الوقت وقدوم فلان




الخدمات العلمية