الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن طلقها نصف تطليقة أو ثلثها كانت ) طالقا ( تطليقة واحدة ) لأن الطلاق لا يتجزأ ، وذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر الكل ، وكذا الجواب في كل جزء سماه لما بينا ( ولو قال لها : أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقتين فهي طالق ثلاثا ) لأن نصف التطليقتين تطليقة ، [ ص: 17 ] فإذا جمع بين ثلاثة أنصاف تكون ثلاث تطليقات ضرورة . ولو قال : أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة ، قيل : يقع تطليقتان لأنها طلقة ونصف فيتكامل ، وقيل : يقع ثلاث تطليقات لأن كل نصف يتكامل في نفسه فتصير ثلاثا .

التالي السابق


( قوله وإن طلقها نصف تطليقة أو ثلثها كانت تطليقة ) وكذا الجواب في كل جزء سماه كالثمن أو قال : جزء من ألف جزء من تطليقة .

وقال نفاة القياس : لا يقع به لأن بعض الشيء غيره ، والمشروع الطلاق لا غيره ، ولا يخفى أن المراد بغيره ما ليس إياه ، وإلا فالبعض عند المتكلمين ليس نفسا ولا غيرا . والجواب أن الشرع ناظر إلى صون كلام العاقل وتصرفه ما أمكن ، ولذا اعتبر العفو عن بعض القصاص عفوا عنه ، فلما لم يكن للمذكور جزء كان كذكر كله تصحيحا كالعفو ( قوله ولو قال لها : أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقتين فهي طالق ثلاثا لأن نصف التطليقتين تطليقة ، [ ص: 17 ] فإذا جمع بين ثلاثة أنصاف يكون ثلاث تطليقات ضرورة ) وقيل : ينبغي أن لا تقع الثالثة لأن في إيقاعها شكا لأن ثلاثة أنصاف تطليقتين يحتمل ما ذكر ويحتمل كونها طلقة ونصفا ، لأن الطلقتين إذا انتصفتا صارتا أربعة أنصاف فثلاثة منهما طلقة ونصف فتكمل طلقتين ، وهذا غلط من اشتباه قولنا نصفنا طلقتين ونصفنا كلا من طلقتين ، والثاني هو الموجب للأربعة الأنصاف وهو احتمال في ثلاثة أنصاف تطليقتين فيثبت في النية لا في القضاء لأن الظاهر هو أن نصف التطليقتين تطليقة لا نصفا تطليقتين .

( قوله ولو قال : أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة قيل : يقع تطليقتان لأنها طلقة ونصف فيتكامل ) وهذا هو المنقول عن محمد في الجامع الصغير وإليه ذهب الناطفي والعتابي ، وعرف منه أنه لو قال : نصفي تطليقة يقع واحدة ( وقيل يقع ثلاث تطليقات لأن كل نصف يتكامل في نفسه فتصير ثلاثا ) والثلاث كالجمع اختصارا للمتعاطفات ، فكأنه قال نصف تطليقة ونصف تطليقة ونصف تطليقة .

ولو قيل : إن المعنى نصف تطليقة ونصفها الآخر ومثله بالضرورة إذ ليس للشيء إلا نصفان فيقع ثنتان اتجه لأن نصفها ونصفها أجزاء طلقة واحدة كقوله نصف طلقة وسدسها وثلثها حيث يقع واحدة لاتحاد مرجع الضمير ، بخلاف نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة حيث يقع ثلاث لأن النكرة إذا أعيدت نكرة فالثانية غير الأولى فأوقع من كل تطليقة جزءا ولو زاد أجزاء الواحدة مثل نصف طلقة وثلثها واستأن وقعت ثنتان للزوم كون [ ص: 18 ] الجزء الأخير من أخرى ، وعلى هذا لو قيل : يقع ثلاث إذا قال نصف طلقة وثلثاها وسبعة أثمانها لم يبعد ، إلا أن الأصح في اتحاد المرجع وإن زادت أجزاء واحدة أن تقع واحدة لأنه أضاف الأجزاء إلى واحدة نص عليه في المبسوط .

والأول هو المختار عند جماعة من المشايخ ، ولو قال لأربع نسوة له : بينكن تطليقة طلقت كل واحدة واحدة وكذا إذا قال : بينكن تطليقتان أو ثلاث أو أربع إلا إذا نوى أن كل تطليقة بينهن جميعا فيقع في التطليقتين على كل منهما تطليقتان وفي الثلاث ثلاث ، ولو قال : بينكن خمس تطليقات ولا نية له طلقت كل تطليقتين .

وكذا ما زاد إلى ثمان ، فإن زاد على الثمان فقال : تسع طلقت كل ثلاثا ولا يخفى الوجه ، وكذا لو قال : أشركتكن في ثلاث تطليقات فلفظ بين ولفظ الإشراك سواء . بخلاف ما لو طلق امرأتين له كل واحدة واحدة ثم قال لثالثة : أشركتك فيما أوقعت عليهما يقع عليها تطليقتان لأنه شركها في كل تطليقة .

وفي آخر باب الطلاق من المبسوط لو قال : فلانة طالق ثلاثا ثم قال : أشركت فلانة معها في الطلاق وقع على الأخرى ثلاث ، بخلاف ما تقدم ، لأن هناك لم يسبق وقوع شيء فينقسم الثلاث بينهن نصفين قسمة واحدة وهذا قد أوقع الثلاث على الأولى فلا يمكنه أن يرفع شيئا مما أوقع عليها بإشراك الثانية ، وإنما يمكنه أن يسوي الثانية بها بإيقاع الثلاث عليها ، ولأنه أوقع الثلاث على الأولى فكلامه في حق الثانية إشراك في كل واحدة من الثلاث فكأنه قال : بينكما ثلاث تطليقات ، وهو يوجب أن كل تطليقة بينهما .

وقد ورد استفتاء فيمن قال لزوجته : أنت طالق ثلاثا وقال لأخرى : أشركتك فيما أوقعت عليها ولثالثة أشركتك فيما أوقعت عليهما، وبعد أن كتبنا تطلق الثلاث ثلاثا ثلاثا قلنا : إن وقوعهن على الثالثة باعتبار أنه أشركها في ست . وفي المبسوط أيضا : لو قال لامرأتين : أنتما طالقتان ثلاثا ينوي أن الثلاث بينهما فهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى فيه فتطلق كل منهما ثنتين لأنه من محتملات لفظه لكنه خلاف الظاهر فلا يدين في القضاء فتطلق كل ثلاثا ، وكذا لو قال لأربع : أنتن طوالق ثلاثا ينوي أن الثلاث بينهن فهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى فتطلق كل واحدة واحدة وفي القضاء تطلق كل ثلاثا




الخدمات العلمية