الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : حكي عن الشعبي أنه قال : لا شفعة لبدوي على حضري ، وحكي عن النخعي أنه قال : لا شفعة لغائب على حاضر وفيما مضى دليل مقنع ، وقال أبو حنيفة : لا شفعة في دور مكة بناء على أصله في تحريم بيعها ، وعند الشافعي يجوز بيعها ، وتستحق شفعتها ، ودليل بيعها ماض في كتاب البيوع ، والشفعة بناء عليه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            قال المزني رحمه الله : " ولا شفعة في عبد ، ولا أمة ، ولا دابة ، ولا ما لا يصلح فيه القسم هذا كان قياس قول الشافعي ومعناه وبالله التوفيق " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح لا شفعة في منقول من حيوان ، أو عروض . وحكي عن عطاء أن الشفعة في كل مشترك من حيوان وغيره استدلالا برواية أبي مليكة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الشريك شفيع ، والشفعة في كل شيء وبما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : في العبد الشفعة ولأنها شركة يدخل بها مضرة فوجب الشفعة فيها كالأرضين .

                                                                                                                                            وهذا خطأ لقوله صلى الله عليه وسلم : الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة .

                                                                                                                                            فأثبتها في المشاع الذي تثبت فيه الحدود وتصرف عنه الطرق بالقسمة ، وهذا لا يكون [ ص: 304 ] إلا في الأرض ، والعقار فدل على انتفائها عما سوى الأرض ، والعقار . وروى ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شفعة إلا في ربع ، أو حائط فأثبت جنس الشفعة في الربع ، والحائط ، ونفاها عما سوى الربع ، والحائط ، ولأن ثبوت الشفعة إما أن يكون للخوف من مئونة القسم ، والحيوان مما لا يقسم ، أو يكون لدفع الضرر المستدام لسوء المشاركة ، وهذا ضرر لا يستديم وفيه انفصال ، فأما خبر ابن أبي مليكة فموقوف على ابن عباس مع انقطاع في إسناده ؛ لأن ابن أبي مليكة قيل : إنه لم يلق ابن عباس ، على أنه يحمل قوله الشفعة في كل شيء من العقار ، فأما الجواب عن روايتهم في العبد شفعة فهو أنه محمول على الشفعة في العبد إذا كان ثمنا في أرض ، أو عقار ، ولا يكون ابتياع ذلك بالعبد مانعا من ثبوت الشفعة فيه ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية