الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5017 باب: ما أحد أصبر على أذى، من الله عز وجل

                                                                                                                              وذكره النووي، في: (باب الكفار).

                                                                                                                              [ ص: 76 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 146 ج 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي عبد الرحمن السلمي؛ قال: قال عبد الله بن قيس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحد أصبر على أذى، يسمعه: من الله تعالى؛ إنهم يجعلون له: ندا، ويجعلون له: ولدا، وهو مع ذلك: يرزقهم، ويعافيهم، ويعطيهم»).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن قيس، رضي الله عنه) ؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: ما أحد أصبر): أفعل تفضيل من «الصبر». أي: أحلم.

                                                                                                                              و «الصبر»: حبس النفس، عن المجازاة، وعلى المكروه. والله تعالى منزه عن ذلك ؛ فالمراد لازمه: وهو ترك المعاجلة بالعقوبة.

                                                                                                                              قال النووي: قال العلماء: معناه: أن الله تعالى: واسع الحلم، حتى على الكافر الذي ينسب إليه: الولد والند.

                                                                                                                              قال المازري: «حقيقة الصبر»: منع النفس من الانتقام، أو غيره. فالصبر نتيجته: الامتناع. فأطلق «اسم الصبر»: على الامتناع - في حق الله تعالى -، لذلك.

                                                                                                                              [ ص: 77 ] قال عياض: «والصبور» من أسماء الله تعالى. وهو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام. وهو بمعنى: الحليم ؛ في أسمائه سبحانه وتعالى. «والحليم» هو الصفيح، مع القدرة على الانتقام. انتهى.

                                                                                                                              (على أذى سمعه، من الله عز وجل. إنهم يجعلون له: ندا ويجعلون له: ولدا. وهو مع ذلك يرزقهم): صفة فعل من أفعاله.

                                                                                                                              (ويعافيهم) أي: في أنفسهم من العلل، والبليات، والمكروهات.

                                                                                                                              (ويعطيهم): ما ينتفعون به: من الأقوات وغيرها، مقابلة للسيئات بالحسنات.

                                                                                                                              قال بعض أهل العلم: «الرازق»: خالق الأرزاق والأسباب، التي يتمتع بها.

                                                                                                                              و «الرزق» هو: المنتفع به. وكل ما ينتفع به: فهو رزقه، سواء كان مباحا أو محظورا. والرزق نوعان: محسوس، ومعقول. ولذا قال بعض

                                                                                                                              [ ص: 78 ] المحققين: «الرزاق»: من رزق الأشباح، فوائد لطفه. والأرواح، عوائد كشفه.

                                                                                                                              قال القرطبي: «الرزق» في ألسنة المحدثين: السماع. يقال: «رزق». يعنون به: سماع الحديث. قال: وهو صحيح. انتهى.

                                                                                                                              قال القشيري: «من عرف أن الله هو المعطي الرزاق»: أفرده بالقصد إليه، وتقرب إليه: بدوام التوكل عليه.

                                                                                                                              أرسل الشبلي إلى غني: أن ابعث إلينا شيئا من دنياك. فكتب إليه: سل دنياك، من مولاك. فكتب إليه الشبلي: «الدنيا حقيرة، وأنت حقير. وإنما أطلب الحقير: من الحقير. ولا أطلب من مولاي: غير مولاي» فسمت همته العلية: أن لا يطلب من الله تعالى: الأشياء الخسيسة. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية