الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5157 باب في فتح قسطنطينية

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (كتاب الفتن).

                                                                                                                              [ ص: 357 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص21 ، 22 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة؛ أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال: "لا تقوم الساعة، حتى ينزل الروم: بالأعماق، أو بدابق. فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض، يومئذ.

                                                                                                                              فإذا تصافوا: قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا، نقاتلهم.

                                                                                                                              فيقول المسلمون: لا والله! لا نخلي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم؛ فينهزم ثلث، لا يتوب الله عليهم أبدا. ويقتل ثلثهم؛ أفضل الشهداء، عند الله. ويفتتح الثلث: لا يفتنون أبدا. فيفتتحون قسطنطينية. فبينما هم يقتسمون الغنائم: قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح، قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون. -وذلك باطل-.

                                                                                                                              فإذا جاءوا الشأم: خرج. فبينما هم يعدون للقتال؛ يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة.

                                                                                                                              فينزل عيسى ابن مريم، صلى الله عليه وسلم، فأمهم.

                                                                                                                              فإذا رآه عدو الله: ذاب، كما يذوب الملح في الماء. فلو تركه: لانذاب حتى يهلك.

                                                                                                                              ولكن يقتله الله بيده. فيريهم دمه، في حربته"
                                                                                                                              ).

                                                                                                                              [ ص: 358 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 358 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (أن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، قال: لا تقوم الساعة، حتى تنزل الروم: بالأعماق، أو بدابق).

                                                                                                                              "الأعماق": بفتح الهمزة، وبالعين المهملة.

                                                                                                                              "ودابق": بكسر الباء وفتحها. والكسر: هو الصحيح المشهور. ولم يذكر الجمهور غيره.

                                                                                                                              وحكى عياض في (المشارق): الفتح. ولم يذكر غيره. وهو اسم موضع معروف.

                                                                                                                              قال الجوهري: الأغلب عليه: التذكير والصرف. لأنه في الأصل: اسم نهر.

                                                                                                                              قال: وقد يؤنث، ولا يصرف.

                                                                                                                              "والأعماق، ودابق": موضعان بالشام، بقرب حلب.

                                                                                                                              (فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض، يومئذ.

                                                                                                                              فإذا تصافوا: قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا).

                                                                                                                              روي "سبوا" على وجهين؛ فتح السين والباء. وضمهما.

                                                                                                                              قال عياض في (المشارق): الضم، رواية الأكثرين. قال: وهو الصواب.

                                                                                                                              [ ص: 359 ] قلت: كلاهما صواب. لأنهم سبوا أولا، ثم سبوا الكفار.

                                                                                                                              قال النووي : وهذا موجود في زماننا. بل معظم عساكر الإسلام: في بلاد الشام ومصر، سبوا. ثم هم اليوم -بحمد الله- يسبون الكفار. وقد سبوهم -في زماننا- مرارا كثيرة.

                                                                                                                              يسبون -في المرة الواحدة- من الكفار: ألوفا. ولله الحمد، على إظهار الإسلام، وإعزازه.

                                                                                                                              (نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا. والله! لا نخلي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم؛ فينهزم ثلث، لا يتوب الله عليهم أبدا). أي: لا يلهمهم التوبة.

                                                                                                                              (ويقتل ثلثهم؛ أفضل الشهداء، عند الله. ويفتتح الثلث: لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية): هي بضم القاف، وإسكان السين، وفتح الطاء الأولى، وكسر الثانية. وبعدها: ياء ساكنة، ثم نون. هكذا ضبطناه. وهو المشهور. ونقله، عياض في (المشارق): عن المتقنين، والأكثرين.

                                                                                                                              وعن بعضهم: زيادة ياء مشددة بعد النون.

                                                                                                                              وهي مدينة مشهورة، من أعظم مدائن الروم. وقد يخفف الياء.

                                                                                                                              قال في القاموس: "قسطنطينية" مشددة: "حصن" بحدود إفريقية، دار ملك الروم.

                                                                                                                              [ ص: 360 ] وفتحها: من أشراط الساعة . وتسمى بالرومية: "بوزنطياء".

                                                                                                                              وارتفاع سوره: أحد وعشرون ذراعا.

                                                                                                                              "وكنيستها": مستطيلة. وبجانبها: عمود عال، في دور أربعة أبواع تقريبا.

                                                                                                                              وفي رأسه: فرس من نحاس. وعليه فارس. وفي إحدى يديه: كرة من ذهب. وقد فتح أصابع يده الأخرى مشيرا بها. وهو صورة "قسطنطين" بانيها.

                                                                                                                              كذا في (اللمعات)، للشيخ عبد الحق الدهلوي، رحمه الله تعالى.

                                                                                                                              (فبينما هم يقتسمون الغنائم: قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: أن المسيح). أي: الدجال، (قد خلفكم في أهليكم. فيخرجون. وذلك باطل.

                                                                                                                              فإذا جاءوا الشام: خرج. فبينما هم يعدون للقتال؛ يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم، عليه السلام، فأمهم.

                                                                                                                              [ ص: 361 ] فإذا رآه عدو الله: ذاب، كما يذوب الملح في الماء. فلو تركه لانذاب حتى يهلك. ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه، في حربته): وهي رمح صغير.

                                                                                                                              وفي الحديث: دلالة؛ على فتح تلك البلدة، على أيدي المسلمين.

                                                                                                                              وعلى خروج الدجال، في آخر الزمان.

                                                                                                                              وعلى أن قتله يكون على يد عيسى، عليه السلام.

                                                                                                                              وأنه ينزل قبل خروجه، وبعد ظهور المهدي، عليه السلام.

                                                                                                                              وفيه: معجزة ظاهرة، لرسول الله، صلى الله عليه وسلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية