الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5073 باب: ما في الدنيا من أنهار الجنة

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (كتاب صفة الجنة).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 176 ج 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل. كل من أنهار الجنة»).

                                                                                                                              [ ص: 179 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 179 ] (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي: اعلم أن «سيحان وجيحان»، غير «سيحون وجيحون». فأما المذكوران في هذا الحديث، اللذان هما من أنهار الجنة: في بلاد الأرمن. «فجيحان»: نهر المصيصة. «وسيحان»: نهر إذنة. وهما نهران عظيمان جدا، أكبرهما: «جيحان».

                                                                                                                              قال: فهذا هو الصواب في موضعهما. وأما قول الجوهري (في صحاحه): «جيحان» نهر بالشام: فغلط.

                                                                                                                              أو أنه أراد المجاز، من حيث أنه ببلاد الأرمن. وهي مجاورة للشام.

                                                                                                                              قال الحازمي: «سيحان» نهر عند المصيصة. قال: وهو غير «سيحون».

                                                                                                                              وقال صاحب نهاية الغريب: «سيحان، وجيحان» نهران بالعواصم - عند المصيصة، وطرطوس - واتفقوا كلهم على أن «جيحون» بالواو: نهر وراء خراسان، عند بلخ. واتفقوا: على أنه غير «جيحان». وكذلك «سيحون»، غير سيحان.

                                                                                                                              وأما قول عياض: هذه الأنهار الأربعة، أكبر أنهار بلاد الإسلام ؛ فالنيل: بمصر. والفرات: بالعراق. «وسيحان وجيحان»، ويقال «سيحون وجيحون»: ببلاد خراسان. ففي كلامه إنكار من أوجه؛ [ ص: 180 ] أحدها: قوله «والفرات بالعراق». وليس بالعراق. بل هو فاصل بين الشام والجزيرة.

                                                                                                                              والثاني: قوله «ويقال لهما: سيحون وجيحون» فجعل الأسماء مترادفة، وليس كذلك. بل هما غيرهما، باتفاق الناس، كما سبق.

                                                                                                                              الثالث: أنهما: ببلاد خراسان. «وسيحان وجيحان» ببلاد الأرمن، بقرب الشام. والله أعلم.

                                                                                                                              قال: وأما كون هذه الأنهار، من ماء الجنة ؛ ففيه تأويلان، ذكرهما عياض ؛ أحدهما: أن «الإيمان» عم بلادها. أو الأجسام المتغذية بمائها: صائرة إلى الجنة.

                                                                                                                              والثاني - وهو الأصح - أنها على ظاهرها. وأن لها مادة من الجنة.

                                                                                                                              والجنة مخلوقة، موجودة اليوم - عند أهل السنة -.

                                                                                                                              وقد ذكر مسلم - في كتاب الإيمان، في حديث الإسراء -: أن «الفرات، والنيل» يخرجان من الجنة. وفي البخاري: «من أصل سدرة المنتهى». انتهى كلام النووي.

                                                                                                                              وقال (في معالم التنزيل: إن الله أبرز هذه من الجنة.

                                                                                                                              واستودعها الجبال، وأجراها في الأرض. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 181 ] وللعلامة «الشوكاني» كلام بسيط: على تحقيق هذه الأنهار الأربعة، حرره في جواب سؤال بعض الأعلام. وكان قد سبك السؤال في قالب من النظم، بديع الأسلوب، غزير الشؤبوب. فرأيت أن أذكره - تماما - ههنا: للإفادة. وأسطره، ترغيبا للطالبين إلى الاستفادة. ولعلك لا تجد مثله، في غير هذا الكتاب.

                                                                                                                              قال رضي الله عنه، في (الفتح الرباني): قال المجد - في القاموس، ما لفظه -: «سيحان» نهر بالشام، وآخر بالبصرة. ويقال فيه: «ساحين». وقرية بالبلقاء، بها قبر «موسى عليه السلام). و «سيحون»: نهر بما وراء النهر، ونهر بالهند. انتهى.

                                                                                                                              فأفاد هذا: أن «سيحان» نهران: أحدهما بالشام، والآخر بالبصرة. وأن «سيحون» نهران: أحدهما بما وراء النهر، والآخر بالهند.

                                                                                                                              وهذا يقتضي: تغاير مسمى سيحان، ومسمى سيحون: لاختلاف الأمكنة المذكورة.

                                                                                                                              فإن الشام، والبصرة: غير ما وراء النهر، والهند. لا شك في ذلك.

                                                                                                                              وقال ياقوت بن عبد الله الرومي، - في كتابه المشترك وضعا، المختلف صقعا - ما لفظه: باب «سيحان، وسيحون»، وسيحان: بسين مفتوحة، وياء ساكنة، وحاء مهملة، وألف ونون. الأول: «نهر [ ص: 182 ] كبير جرار» من نواحي المصيصة، بالثغر. وهو نهر إذنة - بين أنطاكية والروم - وبالقرب منه: نهر يقال له: «جيحان».

                                                                                                                              فبالثغر إذا: سيحان، وجيحان.

                                                                                                                              وبخراسان: سيحون، وجيحون.

                                                                                                                              الثاني: «سيحان» ماء لبني تميم، بالبادية.

                                                                                                                              الثالث: «سيحان» نهر بالبصرة، ذكرته شعراء الأعراب. قال البلادري: حفره البرامكة. وسموه بهذا الاسم. انتهى.

                                                                                                                              فأفاد هذا: أن «سيحان» اسم لثلاثة أنهار ؛ الأول: «النهر الكبير» الذي بالشام. لأن المصيصة، بلد بالشام.

                                                                                                                              والثاني: «ماء لبني تميم». والثالث: بالبصرة.

                                                                                                                              وأفاد: أن «سيحون» نهر بخراسان. فوافق كلام القاموس (في سيحان). وزاد عليه: أنه يطلق على «ماء لبني تميم». ووافقه، في مغايرة سيحان: «سيحون». وإن خالفه، في قصره على أنه اسم لمسمى واحد، لا لاثنين.

                                                                                                                              وأفاد أيضا: أن «جيحان»، غير «جيحون». وسيأتي الكلام عليهما، بعد الفراغ: من الكلام على هذين.

                                                                                                                              [ ص: 183 ] وقال (صاحب النهاية) في مادة «س ي ح»، ما لفظه: وفيه ذكر «سيحان» هو نهر بالعواصم، من أرض المصيصة. وقريبا من طرطوس. ويذكر مع «جيحان». انتهى.

                                                                                                                              وقال في مادة «ج ي ح»، ما لفظه: ذكر فيه «سيحان، وجيحان».

                                                                                                                              وهما نهران بالعواصم، عند أرض المصيصة، وطرطوس. انتهى.

                                                                                                                              فأفاد هذا: أن «سيحان» نهر واحد، بالشام. و «جيحان» نهر واحد، بالشام أيضا.

                                                                                                                              وهذا لا يعارض: ما تقدم من القاموس، وكتاب المشترك. لأن «صاحب النهاية»: إنما تعرض لتفسير ما ورد في الحديث، الثابت في الصحيح: أن «سيحان وجيحان، من أنهار الجنة».

                                                                                                                              فتلخص من مجموع ما ذكرناه؛ أن «سيحان» اسم لأربعة مسميات: (نهر بالشام، وآخر بالبصرة): باتفاق صاحب «المشترك، والمختلف»، وصاحب «القاموس».

                                                                                                                              (وماء لبني تميم). كما أفاده ياقوت. ولا يقدح في ذلك: إهمال صاحب القاموس له.

                                                                                                                              (وقرية بالبلقاء). كما أفاده صاحب القاموس. ولا يقدح في ذلك: إهمال ياقوت لها.

                                                                                                                              وأن «سيحون» اسم لنهر، بما وراء النهر: باتفاق «ياقوت، والمجد». ونهر بالهند، كما أفاده صاحب القاموس. ولا يقدح في ذلك: إهمال «ياقوت» له.

                                                                                                                              [ ص: 184 ] ويتعين أن «سيحان» الذي هو نهر من أنهار الجنة. هو الكائن بالشام، كما بينه «صاحب النهاية». وفسره بعض شراح الحديث. لا غيره، مما بينه صاحب القاموس، وياقوت. لأنهما بصدد بيان المسميات: بهذا الاسم، من غير نظر إلى تخصيص: ما ورد عن صاحب الشرع.

                                                                                                                              فلم يبق إشكال فيما نقله «المجد»: لا باعتبار تعدد المسميات، ولا باعتبار أن «سيحان» غير سيحون. لأن غاية ما أورده في قاموسه: هو أن «سيحان»: اسم لنهرين، وقرية، و «سيحون»: اسم لنهرين.

                                                                                                                              ولم يقل: إن النهر، الذي وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بأنه من أنهار الجنة. هو كذا منها. ولا قائل بالاشتراك «بين سيحان وسيحون». بل فسر كل واحد منهما: بتفسير يميزه عن غيره ؛ فقال: «سيحان» نهر بالشام، وآخر بالبصرة. ولا شك: أن الشام، يتميز عن البصرة. لأن البصرة من أرض العراق. فكذلك يتميز كل واحد من النهرين، عن الآخر.

                                                                                                                              ثم قال: «وقرية بالبلقاء» بها قبر موسى عليه السلام. فبين أنها: من أرض البلقاء. ثم بينها ببيان آخر. وهو أن قبر موسى عليه السلام، فيها.

                                                                                                                              ثم قال: «وسيحون» نهر بما وراء النهر، ونهر بالهند. فميز كل واحد منهما، عن الآخر. وتضمن ذلك: المغايرة بين «سيحان، وسيحون».

                                                                                                                              [ ص: 185 ] وغاية ما يقال عليه: أنه لم يبين أنها نهر الجنة. وعذره في ذلك واضح. لأنه بصدد بيان: المفهومات اللغوية.

                                                                                                                              وقد بينه: من هو بصدد: بيان ما ورد في كلام الشارع، كما عرفت.

                                                                                                                              وأما كون هذه الأسماء: حقائق لمسمياتها، أو مجازات، أو مختلطة. فقد عرف - من صنع «المجد» ومثله «صاحب الصحاح» -: عدم التعرض لتمييز ذلك. وهو - وإن كان مقللا للفائدة لكنه، لا يختص الكلام عليه، بهذه المادة. بل جميع ما في الكتابين كذلك.

                                                                                                                              وأما «جيحان، وجيحون»، فقال في القاموس ما لفظه: «وجيحون» نهر خوارزم. و «جيحان» نهر بين الشام والروم، «معرب جهان» انتهى.

                                                                                                                              فأفاد: المغايرة بين «جيحان، وجيحون». وأن كل واحد منهما: اسم لمسمى واحد. «فجيحون» نهر خوارزم. و «جيحان»: نهر بين الشام والروم.

                                                                                                                              وقد تقدم في كلام ياقوت في (كتاب المشترك): أن «جيحان»: بالقرب من «سيحان»، الذي هو بالشام، بين أنطاكية والروم. وأن «جيحون»: بخراسان. فوافق كلام «صاحب القاموس» فيهما.

                                                                                                                              وفي (شمس العلوم): «جيحون» اسم نهر بلخ، مطابق ما في القاموس. لأن «خوارزم، وبلخ»: من خراسان.

                                                                                                                              [ ص: 186 ] وقال في (كتاب المسالك، والممالك): «جيحون» نهر بلخ. «وبلخ» من خراسان، ما لم يخرج من بلاد خراسان. ويجري بين بلاد خوارزم، حتى يصب في بحيرتها..

                                                                                                                              ثم قال: «وجيحان» بالألف: نهر يخرج من حدود الروم، ويمتد إلى قرب حدود الشام. هكذا قال. فوافق (صاحب القاموس) فيهما.

                                                                                                                              وقال ياقوت في (معجم البلدان): إن «جيحان» بالفتح، ثم السكون، والحاء المهملة، وألف، ونون: نهر بالمصيصة، بالثغر الشامي. ومخرجه: من بلاد الروم. ويمر حتى يصب بمدينة تعرف: بكفر سامات المصيصة، وينفذ منها، فيمتد أربعة أميال، ثم يصب في بحر خراسان. ثم ذكر قول المتنبي:

                                                                                                                              مريب إلى جيحان من أرض آمد ملايا لقد أعياك ركضا وأبعدا

                                                                                                                              ثم ذكر أبيات «العدي بن الرقاع، الآملي»: فيها ذكر «جيحان».

                                                                                                                              ثم قال: «جيحون» بالفتح: اسم عجمي. وقد تعسف بعضهم، فقال: هو من: «جاحه» إذا استأصله. ومنه: «الخطوب الجوائح». سمي بذلك: لاجتياحه الأرضين.

                                                                                                                              قال حمزة: أصل اسم جيحون (بالفارسية): «هارون». وهو وادي خراسان. وعلى وسطه «مدينة»، يقال لها: «جيحان». فنسبه الناس إليها، وقالوا: «جيحون»، على عادتهم: في تغيير الألفاظ.

                                                                                                                              [ ص: 187 ] قال ابن الفقيه: يجيء «جيحون» من موضع، يقال له: «ربوساران». وهو جبل يتصل بناحية: السند، والهند، وكابل. ومنه «عين» تخرج من موضع، يقال له: «عندمين».

                                                                                                                              وقال الإصطخري - بعد أن أطال الكلام، وذكر أنه: تنصب إليه خمسة أنهار، وذكر أسماءها وأمكنتها، ثم ذكر أن أصل مخرجه: من بلاد الترك. ثم ذكر مواضع يمر بها، حتى يمر في حدود «بلخ» إلى «الترمذ»، ثم «آمل»، ثم «درعان»: أول أرض «خوارزم»، ثم مدينة خوارزم - قال: ولا ينتفع بهذا النهر - من هذه البلاد التي يمر بها -: إلا «خوارزم». ثم ينحدر من خوارزم، حتى ينصب في بحيرة تعرف: ببحيرة خوارزم. وهي بحيرة، بينها وبين خوارزم: ستة أيام. وهي في موضع، أعرض من «دجلة». قال ياقوت: وقد شاهدته، وركبت فيه. ثم ذكر جموده، إذا اشتد البرد.

                                                                                                                              ثم قال: وهو يسمى «نهر بلخ» مجازا، لأنه يمر بأعمالها.

                                                                                                                              فأما «مدينة بلخ»، فإن أقرب موضع منه إليها: مسيرة اثني عشر فرسخا. انتهى.

                                                                                                                              فقد وافق - ما رواه «صاحب المعجم» عن نفسه، وعن غيره -: ما ذكره «صاحب القاموس»، في جيحان وجيحون. وإنما خصص نهر جيحون: بخوارزم، لما عرفت من أنه لا ينتفع إلا خوارزم.

                                                                                                                              [ ص: 188 ] وبالجملة ؛ فما ذكره «صاحب القاموس»، هو ما ذكره من قبله: من هؤلاء الأئمة. فإن حاصل ما يستفاد من كلامهم: المغايرة بين «جيحان وجيحون». وأن كل واحد منهما: بالمكان الذي ذكره.

                                                                                                                              وأما تعيين النهر الذي هو من الجنة منهما: فقد عينه المفسرون، لما وقع في كلام النبوة. وأنه «جيحان، لا جيحون. كما تقدم عن صاحب النهاية وغيره.

                                                                                                                              وعذر صاحب القاموس (في عدم تعيين النهر، الذي من الجنة منهما): هو ما قدمنا في «سيحان وجيحان» ؛ فالنهران اللذان من الجنة، هما «سيحان وجيحان»، لا سيحون وجيحون. كما تقدم بيانه. وهو ثابت في الصحيح بلفظ: «سيحان وجيحان».

                                                                                                                              وأما من زعم المعارضة: بين قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «سيحان، وجيحان، والنيل، والفرات: من أنهار الجنة»، وبين قوله صلى الله عليه وآله وسلم «وإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان ؛ أما الظاهران: فالنيل والفرات. وأما الباطنان: فسيحان، وجيحان». ثم صار إلى الجمع: بأنه لم يثبت في «سيحان وجيحان» أنهما من الجنة.

                                                                                                                              فهذا ليس بجمع، بل إهدار لما وقع في الحديثين جميعا: من ذكر «سيحان وجيحان». والأمر أقرب من ذلك. ومعنى كلام النبوة أوضح.

                                                                                                                              فإن غاية ما يستلزمه - كون سيحان وجيحان باطنين -: أن لا يظهر انصبابهما من نفس الجنة. بأن يجريا من باطنها، إلى باطن الأرض. ثم [ ص: 189 ] يظهران حيث ظهرا. ويظهر انصباب النيل والفرات: من ظاهر الجنة، إلى ظاهر الأرض، ثم يتصل ظهورهما وجريهما بالمواضع المعروفة الآن.

                                                                                                                              وهكذا جمع من جمع: بعدم ظهور سيحان وجيحان، على وجه الأرض. وإن كانا من أنهار الجنة. نظرا منه إلى ما وقع من توصيفهما: بكونهما باطنين. فإنه ليس في هذا الوصف: ما يستلزم أنهما لا يظهران أبدا. إذ صدقه يوجد بما ذكرناه.

                                                                                                                              ولو كان الأمر كما قال هذا: لم يكن لإخباره صلى الله عليه وآله وسلم، للأمة، بأن الأربعة الأنهار، من أنهار الجنة: كثير فائدة. بعد تسميته لها بأسمائها المعروفة، عند أهل الدنيا. مع اعتقادهم لوجود مسمياتها في بقاع الأرض.

                                                                                                                              وليس ذلك من قبيل الإخبار: بما في الجنة. كما وقع في الكتاب العزيز، من إخبار الله عز وجل: بما فيها من أنهار الماء، والعسل، والخمر، واللبن. بل من باب الإخبار بما صار في الدنيا، من أنهار الجنة. كما تفيده ألفاظ الأحاديث، وسياقاتها.

                                                                                                                              فتقرر بمجموع ما ذكر: صحة ما قاله صاحب القاموس: في «سيحان وجيحان، وسيحون وجيحون».

                                                                                                                              وتبين: ما هو منها من أنهار الجنة، وما ليس منها.

                                                                                                                              وظهر: تعيين مواضع: ما هو من الجنة. وتعيين مواضع: ما ليس منها.

                                                                                                                              ولم يبق في الكلام على هذا التقرير: إشكال.

                                                                                                                              هذا آخر كلام الإمام اليماني، العلامة الشوكاني، في الفتح الرباني.




                                                                                                                              الخدمات العلمية