الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5139 باب: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار

                                                                                                                              وذكره النووي ، في: (كتاب الفتن).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص10 ، 11 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن الأحنف بن قيس؛ قال: خرجت، وأنا أريد هذا الرجل. فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ يا أحنف!

                                                                                                                              قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم. يعني: عليا-.

                                                                                                                              [ ص: 300 ] قال: فقال لي: يا أحنف! ارجع. فإني سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم؛ يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما: فالقاتل والمقتول في النار".

                                                                                                                              قال: فقلت -أو قيل- يا رسول الله! هذا القاتل. فما بال المقتول؟

                                                                                                                              قال: "إنه قد أراد قتل صاحبه"
                                                                                                                              ).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن الأحنف بن قيس؛ قال: خرجت، وأنا أريد هذا الرجل. فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ يا أحنف! قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم - يعني: عليا، رضي الله عنه.

                                                                                                                              قال: فقال لي: يا أحنف! ارجع. فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما) أي: ضرب كل واحد وجه صاحبه. أي: ذاته وجملته: (فالقاتل والمقتول في النار).

                                                                                                                              قال النووي : هذا محمول على من لا تأويل له. ويكون قتالهما عصبية، ونحوها.

                                                                                                                              [ ص: 301 ] ثم "كونه في النار" معناه: مستحق لها. وقد يجازى بذلك، وقد يعفو الله تعالى عنه.

                                                                                                                              قال: هذا مذهب أهل الحق. وقد سبق تأويله مرات. وعلى هذا يتأول: كل ما جاء من نظائره.

                                                                                                                              قال: واعلم: أن الدماء التي جرت بين الصحابة، رضي الله عنهم: ليست بداخلة في هذا الوعيد، ومذهب أهل السنة، والحق: إحسان الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم. وأنهم مجتهدون متأولون. لم يقصدوا معصية، ولا محض الدنيا. بل اعتقد كل فريق: أنه المحق، ومخالفه باغ. فوجب عليه قتاله، ليرجع إلى أمر الله. وكان بعضهم مصيبا، وبعضهم مخطيا، معذورا في الخطأ، لأنه لاجتهاد.

                                                                                                                              والمجتهد، إذا أخطأ: لا إثم عليه.

                                                                                                                              وكان علي رضي الله عنه، هو المحق المصيب في تلك الحروب، هذا مذهب أهل السنة.

                                                                                                                              وكانت القضايا مشتبهة، حتى إن جماعة من الصحابة: تحيروا فيها، فاعتزلوا الطائفتين، ولم يقاتلوا. ولو تيقنوا الصواب: لم يتأخر عن مساعدته: أحد منهم . انتهى .

                                                                                                                              [ ص: 302 ] (قال: فقلت -أو قيل-: يا رسول الله! هذا القاتل. فما بال المقتول؟ قال: "إنه قد أراد قتل صاحبه").

                                                                                                                              قال النووي : فيه دلالة للمذهب الصحيح، الذي عليه الجمهور؛ أن من نوى المعصية، وأصر على النية: يكون آثما، وإن لم يفعلها، ولا تكلم.

                                                                                                                              وقد سبقت المسألة واضحة، في كتاب الإيمان. انتهى.

                                                                                                                              والحديث دليل على التجنب من الفتنة.




                                                                                                                              الخدمات العلمية