الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5230 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في (باب ذكر الدجال).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص72، 73 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدجال، فيتوجه قبله: رجل من المؤمنين. فتلقاه المسالح -مسالح الدجال- فيقولون له: أين تعمد؟

                                                                                                                              فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج.

                                                                                                                              قال: فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟

                                                                                                                              فيقول: ما بربنا خفاء.

                                                                                                                              فيقولون: اقتلوه.

                                                                                                                              فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم: أن تقتلوا أحدا دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال. فإذا رآه المؤمن، قال: يا أيها الناس! هذا الدجال، الذي ذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              قال: فيأمر الدجال به، فيشبح. فيقول: خذوه وشجوه. فيوسع ظهره وبطنه: ضربا.

                                                                                                                              قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟

                                                                                                                              [ ص: 440 ] قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب.

                                                                                                                              قال: فيؤمر به، فيؤشر بالمئشار من مفرقه، حتى يفرق بين رجليه.

                                                                                                                              قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين. ثم يقول له: قم. فيستوي قائما.

                                                                                                                              قال: ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك، إلا بصيرة.

                                                                                                                              قال: ثم يقول: يا أيها الناس! إنه لا يفعل بعدي، بأحد من الناس.

                                                                                                                              قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته: نحاسا، فلا يستطيع إليه سبيلا.

                                                                                                                              قال: فيأخذ بيديه ورجليه، فيقذف به. فيحسب الناس: أنما قذفه إلى النار. وإنما ألقي في الجنة".

                                                                                                                              فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "هذا أعظم الناس شهادة، عند رب العالمين"
                                                                                                                              ).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: يخرج الدجال، فيتوجه قبله: رجل من المؤمنين. فتلقاه المسالح -مسالح الدجال-) جمع: "مسلحة". وأصله: موضع السلاح. ثم استعمل للثغر. وهو المراد هنا.

                                                                                                                              (فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج.

                                                                                                                              قال: فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء.

                                                                                                                              فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم: أن تقتلوا أحدا دونه؟ [ ص: 441 ] قال: فينطلقون به إلى الدجال. فإذا رآه المؤمن، قال: يا أيها الناس! هذا الدجال الذي ذكره رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم. قال: فيأمر الدجال به: فيشبح. فيقول: خذوه، وشجوه).

                                                                                                                              فيه: الأول بشين معجمة، ثم باء موحدة، ثم حاء مهملة. أي: مدوه على بطنه.

                                                                                                                              والثاني: "شجوه" بالجيم. من "الشج". وهو الجرح في الرأس.

                                                                                                                              والوجه الثاني: "فيشبح" كالأول. "فيقول خذوه واشبحوه" بالباء والحاء.

                                                                                                                              والثالث: "فيشج". "وشجوه" كلاهما بالجيم.

                                                                                                                              وصحح عياض: الوجه الثاني. وهو الذي ذكره الحميدي، في الجمع بين الصحيحين.

                                                                                                                              [ ص: 442 ] قال النووي : والأصح عندنا: الأول.

                                                                                                                              (فيوسع ظهره): بإسكان الواو، وفتح السين. (وبطنه: ضربا. قال: فيقول: أما تؤمن بي؟ قال: فيقول أنت المسيح الكذاب.

                                                                                                                              قال: فيؤمر به، فيؤشر بالمئشار من مفرقه). هكذا الرواية: "يؤشر" بالهمز.

                                                                                                                              "والمئشار": بهمزة بعد الميم. وهو الأفصح. ويجوز تخفيف الهمزة فيهما. فيجعل في الأول: واوا، وفي الثاني: ياء.

                                                                                                                              ويجوز: "المنشار" بالنون. وعلى هذا؛ يقال: نشرت الخشبة.

                                                                                                                              وعلى الأول؛ يقال: أشرتها.

                                                                                                                              "ومفرق الرأس" بكسر الراء: وسطه.

                                                                                                                              (حتى يفرق بين رجليه. قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين. ثم يقول له: قم. فيستوي قائما.

                                                                                                                              قال: ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك، إلا بصيرة.

                                                                                                                              قال: ثم يقول: يا أيها الناس! إنه لا يفعل بعدي، بأحد من الناس.

                                                                                                                              قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل الله ما بين رقبته إلى ترقوته): بفتح التاء، وضم القاف. وهي "العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق".

                                                                                                                              [ ص: 443 ] (نحاسا، فلا يستطيع إليه سبيلا.

                                                                                                                              قال: فيأخذ بيديه ورجليه، فيقذف به. فيحسب الناس: أنما قذفه إلى النار. وإنما ألقي في الجنة.

                                                                                                                              فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "هذا أعظم الناس شهادة، عند رب العالمين").

                                                                                                                              قال القرطبي (في تذكرته): يقال: إنه "الخضر". وفيه بعد بعيد.

                                                                                                                              وقيل: رجل من أصحاب الكهف. وورد أنهم يكونون من أصحاب المهدي. انتهى.

                                                                                                                              قال السفاريني: وورد أنه لم يبق من الناس بلا فتنة من الدجال: إلا اثنا عشر ألف رجل، وسبعة آلاف امرأة. انتهى. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية