الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5189 [ ص: 379 ] باب: يكون في آخر الزمان خليفة، يحثي المال حثيا

                                                                                                                              وذكره النووي ، في: (كتاب الفتن).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص38 ، 39 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن الجريري، عن أبي نضرة؛ قال: كنا عند جابر بن عبد الله؛ فقال: يوشك أهل العراق، أن لا يجبى إليهم: قفيز، ولا درهم.

                                                                                                                              قلنا من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم. يمنعون ذاك.

                                                                                                                              ثم قال: يوشك أهل الشأم، أن لا يجبى إليهم: دينار، ولا مدي.

                                                                                                                              قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم.

                                                                                                                              ثم سكت هنية، ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يكون في آخر أمتي خليفة، يحثي المال حثيا. لا يعده عددا".


                                                                                                                              قال: قلت لأبي نضرة، وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: لا).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن الجريري، عن أبي نضرة؛ قال: كنا عند جابر بن عبد الله ، فقال: يوشك أهل العراق، أن لا يجبى إليهم: قفيز ولا درهم.

                                                                                                                              [ ص: 380 ] قلنا من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم. يمنعون ذاك .

                                                                                                                              ثم قال: يوشك أهل الشام، أن لا يجبى إليهم: دينار، ولا مدي.

                                                                                                                              قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم) أي: النصارى. سبق شرحه قريبا.

                                                                                                                              "ويوشك": بضم الياء، وكسر الشين. معناه: "يسرع".

                                                                                                                              (ثم أسكت هنية). "أسكت" بالألف، في جميع نسخ بلاد النووي. وذكر عياض: أنهم رووه بحذفها، وإثباتها. وأشار إلى أن الأكثرين حذفوها.

                                                                                                                              "وسكت، وأسكت" لغتان. بمعنى: "صمت".

                                                                                                                              وقيل: "أسكت" بمعنى: أطرق.

                                                                                                                              وقيل: بمعنى "أعرض".

                                                                                                                              "وهنية": بتشديد الياء، بلا همزة. قال عياض: رواه لنا "الصدفي": بالهمزة. وهو غلط.

                                                                                                                              (ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "يكون في آخر أمتي خليفة، يحثي المال حثيا. ولا يعده عدا.)

                                                                                                                              [ ص: 381 ] وفي رواية: "يحثوا".

                                                                                                                              قال أهل اللغة: يقال: "حثيت أحثي حثيا، وحثوت أحثو حثوا" لغتان. وقد جاءت اللغتان، في هذا الحديث. وجاء مصدر الثانية: على فعل الأولى وهو جائز. من باب قوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا .

                                                                                                                              "والحثو" هو: الحفن باليدين.

                                                                                                                              وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة، يكون لكثرة الأموال والغنائم، والفتوحات. مع سخاء نفسه.

                                                                                                                              قاله النووي ، ولم يزد على ذلك. ولم يبين المراد من هذا الخليفة، من هو؟ وهل مضى، أو يكون؟

                                                                                                                              (قال: قلت لأبي نضرة، وأبي العلاء، أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟) الخليفة الأموي، الذي كان خير الناس في زمنه. ويقال له: "عمر الثاني"، لعدله وتقواه.

                                                                                                                              (فقالا: لا). وإنما أنكرا ذلك، لأن الحديث يدل على أن هذا الخليفة، يكون في آخر أمته، صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يكن زمن [ ص: 382 ] "ابن عبد العزيز": آخر مدة هذه الأمة، لأحاديث أخرى وردت في بقائها، إلى مدة طويلة، وأمد بعيد.

                                                                                                                              وفي رواية أخرى، بلفظ: "ينمو في أمتي خليفة، يحثو المال في الناس حثيا" أخرجه الدارقطني. قال الشوكاني رحمه الله: رجاله رجال الصحيح. انتهى.

                                                                                                                              وهذا محمول على حديث الباب. والظاهر أن المراد بهذا الخليفة: هو "المهدي" الفاطمي، الموعود المنتظر، لتظاهر الأدلة على ذلك. وقد ذكرنا جملة الأحاديث الواردة فيه، عليه السلام، في (اليقظة) فراجعه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية