الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              170 [ ص: 793 ] سورة الحجرات : باب في قوله تعالى : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي - الآية - : صلى الله عليه وآله وسلم

                                                                                                                              وأورده النووي ، في الجزء الأول في : (باب مخافة المؤمن : أن يحبط عمله ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 134 ج 2 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              عن أنس بن مالك ؛ أنه لما نزلت هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى آخر الآية : جلس ثابت بن قيس ، في بيته ، وقال : أنا من أهل النار . واحتبس عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم : سعد بن معاذ ؛ فقال : «يا أبا عمرو ! ما شأن ثابت ؟ أشتكى » .

                                                                                                                              قال سعد : إنه لجاري ، وما علمت له : بشكوى .

                                                                                                                              قال : فأتاه سعد ، فذكر له قول رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال ثابت : أنزلت هذه الآية ، ولقد علمتم : أني من أرفعكم صوتا على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فأنا من أهل النار .

                                                                                                                              فذكر ذلك سعد للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «بل هو من أهل الجنة » ) .


                                                                                                                              [ ص: 794 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 794 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه : (قال : لما نزلت هذه الآية : « يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى آخر الآية ) وهو «ولا تجهروا له بالقول ، كجهر بعضكم لبعض : أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون » : (جلس ثابت بن قيس ، في بيته ، وقال : أنا من أهل النار . واحتبس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فسأل النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : سعد بن معاذ ، فقال : يا أبا عمرو ! ما شأن ثابت ؟ أشتكى ؟ » فقال سعد : إنه لجاري ، وما علمت له بشكوى . قال : فأتاه سعد ، فذكر له قول رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم . فقال ثابت : أنزلت هذه الآية ، ولقد علمتم : أني من أرفعكم صوتا على رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فأنا من أهل النار . فذكر ذلك سعد للنبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «بل هو من أهل الجنة » ) .

                                                                                                                              قال النووي : كان ثابت «رضي الله عنه » جهير الصوت ، وكان يرفع صوته ، وكان خطيب الأنصار . ولذلك اشتد حذره أكثر من غيره .

                                                                                                                              قال : وفي هذا الحديث : منقبة عظيمة لثابت بن قيس (وهي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أخبر أنه من أهل الجنة ) .

                                                                                                                              [ ص: 795 ] وفيه : أنه ينبغي «للعالم ، وكبير القوم » أن يتفقد أصحابه ، ويسأل عمن غاب منهم . انتهى .

                                                                                                                              وفي تفسير (فتح البيان ) - في معنى الآية - : يحتمل : أن المراد : حقيقة رفع الصوت ، لأن ذلك يدل على قلة الاحتشام ، وترك الاحترام ؛ لأن خفض الصوت وعدم رفعه : من لوازم التعظيم والتوقير .

                                                                                                                              ويحتمل : أن يكون المراد : المنع من كثرة الكلام ، ومزيد اللغط .

                                                                                                                              قال : والأول أولى .

                                                                                                                              قلت : ولا مانع من الحمل على الجميع . وراجع التفسير المذكور (في معرفة ما يتعلق بتمام هذه الآية الشريفة ) ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                              الخدمات العلمية