الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنها : المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا . وتأتي في كلام المصنف . وهي :

قوله ( وأما المتوفى عنها زوجها ، فإن كانت حائلا : فلا نفقة لها ، ولا سكنى ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به صاحب الشرح ، والمحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقدمه في المستوعب ، والرعايتين ، والفروع ، وقال : وعنه لها السكنى . اختاره أبو محمد الجوزي . فهي كغريم . [ ص: 369 ] قال في المستوعب : حكى شيخنا رواية : أن لها السكنى بكل حال . وقال المصنف أيضا ، والشارح : إن مات وهي في مسكنه : قدمت به .

قوله ( وإن كانت حاملا : فهل لها ذلك ؟ على روايتين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والشرح ، والقواعد الفقهية .

إحداهما : لا نفقة لها ، ولا كسوة ، ولا سكنى . وهو المذهب . قدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع . قال القاضي : هذه الرواية أصح .

والرواية الثانية : لها ذلك . وبناهما ابن الزاغوني على أن النفقة : هل هي للحمل ، أو لها من أجله ؟ . فإن قلنا للحمل : وجبت من التركة . كما لو كان الأب حيا . وإن قلنا لها : لم تجب . قال في القواعد : وهذا لا يصح . لأن نفقة الأقارب لا تجب بعد الموت . قال : والأظهر أن الأمر بالعكس ، وهو أنا إن قلنا النفقة للحمل : لم تجب للمتوفى عنها لهذا المعنى . وإن قلنا لها : وجبت . لأنها محبوسة على الميت لحقه . فتجب نفقتها في ماله انتهى . وعنه : لها السكنى خاصة . اختاره أبو محمد الجوزي . فهي كغريم . فهي عنده كالحائل . قال في الرعاية : وعنه لها السكنى بكل حال . وتقدم بها على الورثة والغرماء ، إن كان قد أفلسه الحاكم قبل موته . وقال المصنف في المغني أيضا : إن مات وهي في مسكنه قدمت به . فهي عنده والحالة هذه كالحائل . كما تقدم قريبا . [ ص: 370 ] فائدتان

إحداهما : لو بيعت الدار التي هي ساكنتها وهي حامل : لم يصح البيع عند المصنف . لجهل المدة الباقية إلى الوضع . وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى . وقال المجد : قياس المذهب : الصحة . وهو الصواب . وتقدمت المسألة قريبا في " باب الإجارة " .

الثانية : نقل الكحال في أم الولد الحامل : تنفق من مال حملها . ونقل جعفر : تنفق من جميع المال . وتقدم ذلك أيضا قريبا في الفوائد . قال في الرعايتين : ومن أحبل أمته ومات : فهل نفقتها من الكل ، أو من حق ولدها ؟ على روايتين . وقال في القاعدة الرابعة والثمانين : في نفقة أم الولد الحامل ثلاث روايات .

إحداها : لا نفقة لها . نقلها حنبل ، وابن بختان .

والثانية : ينفق عليها من نصيب ما في بطنها . نقلها الكحال .

والثالثة : إن لم تكن ولدت من سيدها قبل ذلك : فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملا . وإن كانت ولدت قبل ذلك : فهي في عداد الأحرار ، ينفق عليها من نصيب ولدها . نقلها جعفر بن محمد . قال : وهي مشكلة جدا . وبين معناها . واستشكل المجد الرواية الثانية . فقال : الحمل إنما يرث بشرط خروجه حيا ويوقف نصيبه . فكيف يتصرف فيه قبل تحقق الشرط ؟ ويجاب بأن هذا النص يشهد لثبوت ملكه بالإرث من حين موت مورثه . وإنما خروجه حيا يتبين به وجود ذلك . [ ص: 371 ] فإذا حكمنا له بالملك ظاهرا جاز التصرف فيه بالنفقة الواجبة عليه وعلى من تلزمه نفقته ، لا سيما والنفقة على أمه يعود نفعها إليه ، كما يتصرف في مال المفقود .

التالي السابق


الخدمات العلمية