الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات : فعل به كفعله ) في هذه المسألة طريقان :

أحدهما : أن فيها الروايتين المتقدمتين قال المصنف والشارح : وهو قول غير أبي بكر والقاضي وهو ظاهر كلام المصنف هنا

والطريق الثاني : أنه هنا قتل ولا يزاد عليه رواية واحدة وهو قول أبي بكر والقاضي قال المصنف في المغني وتبعه الشارح : وهو الصحيح من المذهب واعلم أن محل ذلك فيما لو انفرد : لم يكن فيه قصاص كما لو أجافه أو أمه أو قطع يده من نصف ذراعه أو رجله من نصف ساقه أو يدا ناقصة أو شلاء أو زائدة ونحوه فسرى ومثل المصنف بما لا يجب فيه قصاص كالقطع من مفصل والموضحة ومثل لما يجب فيه القصاص كالقطع من المفصل واعلم أنه لو قطع يديه أو رجليه أو جرحه جرحا يوجب القصاص لو انفرد ; فسرى إلى النفس : ففيه طريقان أيضا والصحيح منهما : أنه على الروايتين [ ص: 492 ] اختاره القاضي والمصنف وغيرهما فيصح تمثيل المصنف بقطع اليد من المفصل والطريق الثاني : أنه لا يقتص من الطرف رواية واحدة وهي طريقة أبي الخطابي وجماعة ففي كل من المسألتين طريقان ولكن الترجيح مختلف وحيث قلنا : يفعل به مثل ما فعل وفعل فإن مات وإلا ضربت عنقه وفي الانتصار احتمال أو الدية بغير رضاه وقال في الفروع : وأطلق جماعة : رواية يفعل به كفعله غير المحرم واختاره أبو محمد الجوزي وعنه : يفعل به كفعله إن كان موجبا وإلا فلا وعنه : يفعل به كفعله إن كان موجبا أو موجبا لقود طرفه لو انفرد وإلا فلا فعلى المذهب في أصل المسألة : لو فعل به مثل فعله فقد أساء ولم يضمن وأنه لو قطع طرفه ثم قتله قبل البرء : ففي دخول قود طرفه في قود نفسه كدخوله في الدية روايتان وأطلقهما في الفروع والمحرر والحاوي

إحداهما : يدخل قود الطرف في قود النفس ويكفي قتله صححه في النظم وقدمه في الرعايتين وهو ظاهر ما قطع به الخرقي

والرواية الثانية : لا يدخل قود الطرف في قود النفس فله قطع طرفه ثم قتله قال في الترغيب : فائدة الروايتين : لو عفا عن النفس سقط القود في الطرف لأن قطع السراية كاندماله وعلى المذهب أيضا : لو قطع طرفا ثم عفا إلى الدية : كان له تمامها [ ص: 493 ] وإن قطع ما يوجب الدية ثم عفا : لم يكن له شيء وإن قطع أكثر مما يوجب به دية ثم عفا : فهل يلزمه ما زاد على الدية أم لا ؟ فيه احتمالان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي قلت : الصواب أنه لا يلزمه الزائد وعلى الرواية الثانية : الاقتصار على ضرب عنقه أفضل وإن قطع ما قطع الجاني أو بعضه ثم عفا مجانا : فله ذلك وإن عفا إلى الدية : لم يجز بل له ما بقي من الدية فإن لم يبق شيء سقط

التالي السابق


الخدمات العلمية