الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 143 ] فرع

                                                                                                                                                                        لا يكلف الغرماء عند القسمة إقامة البينة على أنه لا غريم سواهم ، ويكفي بأن الحجر قد استفاض . فلو كان غريم ، لظهر وطلب حقه ، هكذا نقله الإمام عن صاحب " التقريب " ، ثم قال : ولا فرق عندنا بين القسمة على الغرماء وبين القسمة على الورثة . فإذا قلنا : في الورثة لا بد من بينة بأن لا وارث غيرهم ، فكذا الغرماء . والفارق أن يفرق بأن الورثة على كل حال أضبط من الغرماء .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : قول صاحب " التقريب " وهو ظاهر كلام الجمهور . ويفرق أيضا ، بأن الغريم الموجود ، تيقنا استحقاقه لما يخصه ، وشككنا في مزاحم . ثم لو قدر مزاحم لم يخرج هذا عن كونه يستحق هذا القدر في الذمة ، وليست مزاحمة الغريم متحتمة ، فإنه لو أبرأ أو أعرض ، سلمنا الجميع إلى الآخر ، والوارث يخالفه في جميع ذلك . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وإذا جرت القسمة ، ثم ظهر غريم ، فالصحيح أن القسمة لا تنقض ، ولكن يشاركهم بالحصة ; لأن المقصود يحصل بذلك . وفي وجه ، ينقض فيستأنف . فعلى الصحيح ، لو قسم ماله وهو خمسة عشر على غريمين ، لأحدهما عشرون ، وللآخر عشرة ، فأخذ الأول عشرة ، والآخر خمسة ، فظهر غريم له ثلاثين ، استرد من كل واحد نصف ما أخذه . ولو كان دينهما عشرة وعشرة ، فقسم المال نصفين ، ثم ظهر غريم بعشرة ، رجع على كل واحد بثلث ما أخذه . فإن أتلف أحدهما ، ما أخذ وكان معسرا لا يحصل منه شيء ، فوجهان . أصحهما : يأخذ الغريم الثالث من الآخر نصف ما أخذه ، وكأنه كل مال ثم إذا أيسر المتلف أخذ منه ثلث ما أخذه وقسماه بينهما . والثاني : لا يأخذ منه إلا ثلث ما أخذه ، وله [ ص: 144 ] ثلث ما أخذ المتلف دين عليه . ولو ظهر الغريم الثالث ، وظهر للمفلس مال عتيق ، أو حادث بعد الحجر ، صرف منه إلى من ظهر بقسط ما أخذه الأولان . فإن فضل شيء قسم على الثلاثة ، وهذا كله في ظهور غريم بدين قديم . فإن كان بحادث بعد الحجر ، فلا مشاركة في المال القديم . وإن ظهر مال قديم ، وحدث مال باحتطاب وغيره ، فالقديم للقدماء خاصة ، والحادث للجميع .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية