الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        4401 \ 1 - وقال إسحاق : أخبرنا عبد الله بن إدريس قال : سمعت حصينا ، يحدث عن عمرو بن جأوان ، عن الأحنف بن قيس قال : خرجنا حجاجا ، فقدمنا المدينة ، فبينا نحن في منازلنا ، نضع رحالنا ، إذ أتانا آت ، فقال : إن الناس قد فزعوا وقد اجتمعوا في المسجد ، فانطلقنا إلى المسجد - فذكر الحديث في مناشدة عثمان رضي الله عنه الصحابة وإقرارهم رضي الله عنهم بمناقبه - قال الأحنف بن قيس : ولقيت طلحة والزبير رضي الله عنهما ، فقلت : لا أرى هذا إلا مقتولا ، فمن تأمراني أن أبايع ؟ قالا : عليا رضي الله عنه ، فقلت : أتأمراني بذلك وترضيانه لي ؟ فقالا : نعم ، فخرجت حتى قدمت مكة ، فأنا لكذلك إذ قيل : قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وبها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، فأتيتها ، فقلت لها : أنشدك الله من تأمريني أن أبايع ؟ قالت رضي الله عنها : عليا ، فقلت : أتأمريني بذلك وترضينه لي ؟ قالت : نعم ، قال : فرجعت ، فقدمت على علي رضي الله عنه بالمدينة فبايعته ، ثم رجعت إلى أهلي بالبصرة ، ولا أرى إلا أن الأمر قد استقام ، فبينما نحن كذلك إذ أتانا آت ، فقال : هذه عائشة أم المؤمنين ، وطلحة ، والزبير رضي الله عنهم قد نزلوا جانب الخريبة ، فقلت : فما جاء بهم ؟ قالوا : أرسلوا إليك يستنصرون على دم عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما ، فأتاني أفظع أمر أتاني قط ، فقلت : إن خذلاني قوما معهم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد ، وإن قتالي رجلا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروني [ ص: 127 ] ببيعته لشديد ، فلما أتيتهم ، قلت لهم : ما جاء بكم ؟ فقالوا : جئنا نستنصر على دم عثمان رضي الله عنه ، قتل مظلوما ، فقلت : يا أم المؤمنين ، أنشدك الله ! أقلت لك : بمن تأمريني ؟ فقلت : عليا ، فقلت : أتأمريني به وترضينه لي ؟ فقلت : نعم ؟ فقالت : نعم ، فقلت للزبير رضي الله عنه : يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويا طلحة ، أنشدكما بالله أقلت لكما : من تأمراني أن أبايع ؟ فقلتما : لعلي ، فقلت : أتأمراني به وترضيانه لي ؟ فقلتما : نعم ؟ فقالا : نعم ، فقلت : والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين ، وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله لا أقاتل ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا أمرتموني ببيعته ، اختاروا مني إحدى ثلاث : إما أن تفتحوا لي باب الجسر ، فألحق بأرض كذا وكذا ، ( يعني بأرض العجم ) حتى يقضي الله في أمره ما قضى ، أو ألحق بمكة ، أو أعتزل فأكون قريبا منكم ، لا معكم ولا عليكم ، فقالوا : نأتمر ، ثم نرسل إليك ، قال : فأتمروا ، فقالوا : أما أن يفتح له باب الجسر فيلحق بأرض الأعاجم ، فإنه يأتيه المفارق والخاذل ، وأما أن يلحق بمكة ، ليتعجبنكم في قريش ، ويخبرهم بأخباركم ، ليس ذلك لكم بأمر ، ولكن اجعلوه قريبا ها هنا ، حيث تطؤون على صماخه ، فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين ، فاعتزل معه ناس زهاء ستة [ ص: 128 ] آلاف ، ثم التقى الناس ، فكان أول قتيل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ، قال : وكان كعب بن سور يقرأ المصحف ، ويذكر هؤلاء وهؤلاء حتى قتل كعب ، وقتل من قتل منهم ، وبلغ الزبير رضي الله عنه سفوان من البصرة بمكان القادسية منكم ، قال : فلقيه النعر ، رجل من بني مجاشع ، فقال : أين تذهب يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلي ، فأنت في ذمتي ، لا يوصل إليك فأقبل معه ، قال : فأتى إنسان الأحنف بن قيس رضي الله عنه ، فقال : ها هو ذا الزبير قد لقي سفوان ، قال : فما يأمن ؟ جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف ، ثم لحق ببنيه وأهله ، قال : فسمعه عويمر بن جرموز ، وفضالة بن حابس ، ونفيع ، فركبوا في طلبه ، فلقوه مع النعر .

                                                                                        4401 \ 2 - وأخبرنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن حصين ، ثنا عمر بن جاوان رجل من بني تميم ، وذاك أني قلت له : أرأيت اعتزال الأحنف بن قيس رضي الله عنه ما كان ، فقال : سمعت الأحنف بن قيس رضي الله عنه يقول : أتيت المدينة ، وأنا حاج .... فذكر الحديث نحو ما تقدم .

                                                                                        قال : فسمعه غواة من الناس منهم ابن جرموز ، وفضالة ، ونفيع فانطلقوا في طلبه ، فلقوه مقبلا مع النعر ، فأتاه عمير بن جرموز من خلفه ، فطعنه طعنة ضعيفة ، وهو على فرس له ضعيف ، فحمل عليه الزبير رضي الله عنه على فرس له يقال له : ذو الخمار ، فلما ظن ابن جرموز أن الزبير رضي الله عنه قاتله ، نادى فضالة ونفيعا ، فحملا على الزبير رضي الله عنه فقتلاه
                                                                                        .

                                                                                        [ ص: 129 ] [ ص: 130 ] [ ص: 131 ] [ ص: 132 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية