الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        4523 - وقال أحمد بن منيع : حدثنا حسين بن حسن بن عطية العوفي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : إنه سأل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن الدجال ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إن كل نبي قد أنذر قومه الدجال ، ألا وإنه قد أكل الطعام ، ألا وإني عاهد إليكم فيه عهدا لم يعهده نبي إلى أمته ، ألا وإن عينه اليمنى ممسوحة كأنها نخاعة في جانب حائط ، ألا وإن عينه اليسرى كأنها كوكب دري ، معه مثل الجنة والنار ، فالنار روضة خضراء ، والجنة غبراء ذات دخان ، وبين يديه رجلان ينذران أهل القرى ، كلما دخلا قرية أنذرا أهلها ، فإذا خرجا منه دخل أول أصحاب الدجال ، فيدخل القرى كلها غير مكة والمدينة ، حرمتا عليه ، والمؤمنون متفرقون في الأرض ، فيجمعهم الله تعالى ، فيقول رجل منهم : والله لأنطلقن فلأنظرن هذا الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول له أصحابه : إنا لا ندعك تأتيه ، ولو علمنا أنه لا يفتنك لخلينا سبيلك ، ولكنا نخاف أن يفتنك فتتبعه ، فيأبى إلا أن يأتيه ، فينطلق حتى إذا أتى أدنى مسلحة من مسالحه أخذوه ، فسألوه : ما شأنه ؟ وأين يريد ؟ فيقول : أريد الدجال الكذاب ، فيقولون : أنت تقول ذلك ؟ فيكتبون إليه : إنا أخذنا رجلا يقول كذا وكذا ، فنقتله ، أم نبعث به إليك ؟ فيقول : أرسلوا به إلي ، فانطلقوا به إليه ، فلما رآه عرفه بنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : أنت الدجال الكذاب الذي أنذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له الدجال : أنت تقول ذلك ؟ [ ص: 444 ] لتطيعني فيما آمرك به ، أو لأشقنك شقتين ، فينادي العبد المؤمن في الناس : يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ، فيأمر به فمد رجليه ، ثم أمر بحديدة ، فوضعت على عجب ذنبه ، فشقه شقتين ، ثم قال الدجال لأوليائه : أرأيتم إن أحييت لكم هذا ، ألستم تعلمون أني ربكم ؟ فيقولون : نعم ، فيأخذ عصا فيضرب بها إحدى شقيه أو الصعيد ، فاستوى قائما ، فلما رأى ذلك أولياؤه صدقوه ، وأحبوه وأيقنوا به أنه ربهم واتبعوه ، فيقول الدجال للعبد المؤمن : ألا تؤمن بي ؟ فقال : أنا الآن أشد بصيرة فيك مني ، ثم نادى في الناس : يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ، من أطاعه فهو في النار ، ومن عصاه فهو في الجنة ، فقال الدجال : لتطيعني أو لأذبحنك ، فقال : والله لا أطيعك أبدا ، إنك لأنت الكذاب ، فأمر به ، فأضجع وأمر بذبحه فلا يقدر عليه ، لا يسلط عليه إلا مرة واحدة ، فأخذ بيديه ورجليه ، فألقي في النار ، وهي غير ذات دخان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك الرجل أقرب أمتي مني ، وأرفعهم درجة ، قال أبو سعيد رضي الله عنه ، قلت : فكيف يهلك ؟ قال : الله أعلم .

                                                                                        قلت : إن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام هو يهلكه ؟ قال : الله أعلم ، غير أن الله تعالى مهلكه ومن معه ، قلت : فماذا يكون بعده ؟ [ ص: 445 ] قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الناس يغرسون بعده الغروس ، ويتخذون من بعده الأموال ، قلت : سبحان الله أبعد الدجال ؟ قال : نعم ، فيمكثون في الأرض ما شاء الله أن يمكثوا ، ثم يفتح يأجوج ومأجوج ، فيهلكون من في الأرض إلا من تعلق بحصن ، فلما فرغوا من أهل الأرض أقبل بعضهم على بعض ، فقالوا : إنما بقي من في الحصون ومن في السماء فيرمون بسهامهم ، فخرت عليه متغيرة دما ، فقالوا : قد استرحتم ممن في السماء ، وبقي من في الحصون ، فحاصروهم حتى اشتد عليهم الحصر والبلاء ، فبينما هم كذلك إذ أرسل الله تعالى عليهم نغفا في أعناقهم ، فقصمت أعناقهم ، فمال بعضهم على بعض موتى ، فقال رجل : قتلهم رب الكعبة ، قال : إنما يفعلون هذا مخادعة ، فنخرج إليهم فيهلكونا كما أهلكوا إخواننا ، فقال : افتحوا لي الباب ، فقال أصحابه : لا نفتح ، فقال : دلوني بحبل ، فلما نزل وجدهم موتى ، فخرج الناس من حصونهم .

                                                                                        فحدثني أبو سعيد رضي الله عنه أن مواشيهم جعلها الله تعالى لهم حياة يقتضمونها ، ما يجدون غيرها ، قال : وحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الناس يغرسون بعدهم الغروس ، ويتخذون الأموال ، قال : قلت : فسبحان الله أبعد يأجوج ومأجوج ؟ قال : نعم ، فبينما هم في تجاراتهم إذ نادى مناد من السماء : أتى أمر الله ، ففزع أهل الأرض حين [ ص: 446 ] سمعوا الدعوة ، وأقبل بعضهم على بعض ، ثم أقبلوا على تجارتهم وأسواقهم وصناعتهم ، فبينما هم كذلك إذ نودوا مرة أخرى : يا أيها الناس أتى أمر الله ، فانطلقوا نحو الدعوة التي سمعوا ، وجعل الرجل يفر من غنمه وسلعه قبل الدعوة ، إذ لقوا الله ، وذهلوا في مواشيهم ، وعند ذلك عطلت العشار ، فبينما هم كذلك يسعون قبل الدعوة ، إذ لقوا الله تعالى في ظلل من الغمام ، ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فمكثوا ما شاء الله ، ثم نفخ فيه مرة أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، ثم تجيء جهنم لها زفير وشهيق ، ثم ينادى ، فذكر الحديث بطوله
                                                                                        .

                                                                                        وقد أخرج أصحاب السنن منه قصة الشفاعة ، وقصة بعث النار ، وغير ذلك ، وفي سياق هذا بعض مخالفة وما في الصحيح أصح ، وبالله التوفيق .

                                                                                        [ ص: 447 ] [ ص: 448 ] [ ص: 449 ] [ ص: 450 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية