الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        4554 - وقال أبو يعلى : حدثنا ابن مطيع ، ثنا هشيم ، عن الكوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس حفاة ، عراة ، غرلا ، فقالت عائشة رضي الله عنها : والنساء ، بأبي أنت وأمي ؟ قال : نعم ، فقالت : واسوأتاه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ومن أي شيء عجبت يا بنت أبي بكر ؟ قالت : عجبت من حديثك ، ينظر بعضهم إلى بعض ، قال : فضرب صلى الله عليه وسلم على منكبها ، وقال : يا بنت أبي قحافة ، قد شغل الناس يومئذ عن النظر ، وتسمو أبصارهم إلى فوق أربعين سنة ، لا يأكلون ، ولا يشربون ، شاخصين بأبصارهم ، فيهم من يبلغ العرق قدميه ، ومنهم من يبلغ ساقيه ، ومنهم من يبلغ بطنه ، ومنهم من يلجمه العرق من طول الوقوف ، ثم يرحم الله بعد ذلك العباد ، فيأمر الملائكة المقربين ، فيحملون عرشه من السماوات إلى أرض بيضاء ، لم يسفك عليها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، كأنها الفضة البيضاء ، ثم تقوم الملائكة حافين من حول العرش ، وذلك أول يوم نظرت فيه عين إلى الله عز وجل ، ثم يأمر مناديا ، فينادي بصوت يسمعه الثقلان : الجن ، والإنس : أين فلان ابن فلان ؟ فيشرئب لذلك ، ويخرج من الموقف ، فيعرفه الله تعالى الناس ، ثم يقال : تخرج معه حسناته ، فيعرف الله تعالى أهل الموقف تلك الحسنات ، فإذا وقف بين يدي رب العالمين ، قيل : أين أصحاب المظالم ؟ فيجيئون رجلا رجلا ، فيقال : أظلمت فلانا كذا وكذا ؟ فيقول : نعم يا رب ، فذلك اليوم الذي تشهد عليهم ألسنتهم وأرجلهم وأيديهم بما كانوا يكسبون ، فتؤخذ حسناته ، فتدفع إلى من ظلمه يوم لا درهم ولا دينار ، إلا أخذ من الحسنات ، ورد من السيئات ، فلا يزال أهل المظالم يستوفون من حسناته حتى لا يبقى له حسنة ، ثم يقوم من بقي ممن لم يأخذ [ ص: 528 ] شيئا ، فيقولون : ما بال غيرنا ، استوفى وبقينا ؟ فيقال لهم : لا تعجلوا ، يؤخذ من سيئاتهم ، فترد عليه ، حتى لا يبقى أحد ظلم بمظلمة ، فيعرف الله تعالى أهل الموقف أجمعين ذلك ، فإذا فرغ من حسناته ، قيل : ارجع إلى أمك الهاوية ، لا ظلم اليوم ، إن الله سريع الحساب ، فلا بقي يومئذ ملك ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا بشر ، إلا ظن بما رأى من شدة العذاب أنه لا ينجو ، إلا من عصمه الله عز وجل .

                                                                                        [ ص: 529 ] [ ص: 530 ] [ ص: 531 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية