الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 254 ] 30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه ولده يزيد

                                                                                        4453 - قال أبو يعلى : حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، ثنا جعفر ، عن هشام ، عن محمد بن سيرين ، قال : لما أراد معاوية رضي الله عنه أن يستخلف يزيد ، بعث إلى عامل المدينة ، أن أوفد إلي من شاء ، قال : فوفد إليه عمرو بن حزم الأنصاري يستأذن ، فجاء حاجب معاوية رضي الله عنه يستأذن ، فقال : هذا عمرو قد جاء يستأذن ، فقال : ما جاء بهم إلي ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! يطلب معروفك ، فقال معاوية رضي الله عنه : إن كان صادقا ، فليكتب إلي ، أعطيه بما سأل ولا أراه ، قال : فخرج إليه الحاجب ، فقال : ما حاجتك ؟ اكتب ما شئت ، فقال : سبحان الله أجيء إلى باب أمير المؤمنين ، فأحجب عنه ، أحب أن ألقاه فأكلمه ، فقال معاوية رضي الله عنه للحاجب : عده إلى يوم كذا وكذا ، إذا صلى الغداة فليجئ ، قال : فلما صلى معاوية رضي الله عنه الغداة ، أمر بسريره فجعل في الإيوان ثم أخرج الناس عنه ، فلم يكن عنده أحد إلا كرسي وضع لعمرو ، فجاء عمرو رضي الله عنه فاستأذن ، فأذن له ، فسلم عليه ، ثم جلس على الكرسي ، فقال له معاوية رضي الله عنه : حاجتك ؟ قال : فحمد الله تعالى [ ص: 255 ] وأثنى عليه ، ثم قال : لعمري ، لقد أصبح يزيد بن معاوية رضي الله عنه واسط الحسب في قريش ، غنيا عن المال ، غنيا إلا عن كل خير ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله تعالى لم يسترع عبدا رعية إلا وهو سائله عنها يوم القيامة ، كيف صنع ؟ وإني أذكرك الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من تستخلف عليها ، قال : فأخذ معاوية رضي الله عنه ربو ونفس في غداة قر حتى عرق ، وجعل يمسح العرق عن وجهه مليا ، ثم أفاق ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنك امرؤ ناصح ، قلت برأيك بالغ ما بلغ ، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم ، فابني أحق من أبنائهم ، حاجتك ؟ قال : ما لي حاجة ، قال : قم ، فقال له أخوه : إنما جئنا من المدينة نضرب أكبادها من أجل كلمات ، قال : ما جئت إلا للكلمات ، فأمر لهم بجوائزهم ، وأمر لعمرو بمثليها .

                                                                                        [ ص: 256 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية