الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 492 ] 45 - باب صفة البعث

                                                                                        4539 - قال إسحاق : أخبرنا جرير ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، ثنا قيس بن السكن ، وأبو عبيدة بن عبد الله ، قال : إن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدث عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الحديث ، فقال : إذا حشر الناس يوم القيامة ، قاموا أربعين ، على رؤوسهم الشمس ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ، ينتظرون الفصل كل بر منهم وفاجر ، لا يتكلم منهم بشر ، ثم ينادي مناد : أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ، ورزقكم ، ثم عبدتم غيره ، أن يولي كل قوم ما تولوا ؟ فيقولون : بلى ، فينادي بذلك ملك ثلاث مرات ، ثم يمثل لكل قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فيتبعونها ، حتى توردهم النار ، فيبقى المؤمنون والمنافقون ، فيخر المؤمنون سجدا ، وتدمج أصلاب المنافقين ، فتكون عظما واحدا ، كأنها صياصي البقر ، ويخرون على أقفيتهم ، فيقول الله تعالى لهم : ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم ، فيرفع الرجل رأسه ، ونوره بين يديه مثل الجبل ، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل القصر ، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل البيت ، حتى ذكر مثل الشجرة ، فيمضون على الصراط كالبرق وكالريح ، وكحضر الفرس ، وكاشتداد الرجل ، حتى يبقى آخر الناس نوره على إبهام رجله مثل [ ص: 493 ] السراج ، فأحيانا يضيء له ، وأحيانا يخفى عليه ، فتشعب منه النار ، فلا يزال كذلك حتى يخرج ، فيقول : ما يدري ما نجا منه غيري ، ولا أصاب أحد مثل ما أصبت ، إنما أصابني حرها ونجوت منها ، قال : فيفتح له باب في الجنة ، فيقول : يا رب ، أدخلني هذا ، فيقول : عبدي لعلي إن أدخلتك تسألني غيره ، قال : فيدخله ، فبينما هو يعجب بما هو فيه ، إذ فتح له باب آخر ، فيستحقر في عينه الذي هو فيه ، فيقول : يا رب ، أدخلني هذا ، فيقول : أولم تزعم أنك لا تسألني غيره ؟ فيقول : وعزتك وجلالك ، لئن أدخلتنيه لا أسألك غيره ، قال : فيدخله حتى يدخله أربعة أبواب ، كلها يسألها ، ثم يستقبله رجل مثل النور ، فإذا رآه هوى ، فسجد له ، فيقول : ما شأنك ؟ فيقول : ألست بربي ؟ فيقول : إنما أنا قهرمان ، لك في الجنة ألف قهرمان على ألف قصر ، بين كل قصرين مسيرة ألف سنة ، يرى أقصاها كما يرى أدناها ، ثم يفتح له باب من زبرجدة خضراء ، فيها سبعون بابا ، في كل باب منها أزواج وسرر ومناصف ، فيقعد مع زوجته ، فتناوله الكأس ، فتقول : لأنت منذ ناولتك الكأس أحسن منك قبل ذلك بسبعين ضعفا ، عليها سبعون حلة ، ألوانها شتى ، يرى مخ ساقها ، ويلبس الرجل ثيابه على كبدها ، وكبدها مرآته .

                                                                                        هذا إسناد صحيح متصل رجاله ثقات .

                                                                                        [ ص: 494 ] [ ص: 495 ] [ ص: 496 ] [ ص: 497 ] [ ص: 498 ] [ ص: 499 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية