الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا عبد القدوس بن محمد العطار البصري حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام ) بفتح فتشديد ميم ( وجرير بن حازم قالا ) أي : كلاهما ( حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتجم في الأخدعين والكاهل وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة ) بسكون الشين وكسرها لغة ، وهي أصل السيد ( وإحدى وعشرين ) أي : تارة وتارة قال ميرك : وأخرج أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعا من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء ، وهو من رواية سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه وسعيد وثقه الأكثرون ولينه بعضهم من قبل حفظه وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد والترمذي ورجاله ثقات لكنه معلول وشاهد آخر من حديث أنس عند ابن ماجه وسنده ضعيف ، وروى المصنف أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( خير ما تحتجمون فيه يوم سابع عشر وتاسع عشر أو واحد وعشرين لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله ) وأبو داود في سنته ( من احتجم لسبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين كان شفاء من كل داء ) أي : كل داء سببه غلبة الدم ، وقد ورد في تعيين الأيام للحجامة حديث ابن عمر عند ابن ماجه رفعه ( الحجامة تزيد الحافظ حفظا والعاقل عقلا فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واحتجموا يوم الاثنين واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد ) أخرجه من ضعيفين وله طريق ثالثة ضعيفة أيضا عند الدارقطني في الإفراد وأخرجه بسند جيد عن ابن عمر موقوفا ونقل الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة في الأيام المذكورة ، وإن كان الحديث ضعيفا .

وحكي أن رجلا احتجم يوم الأربعاء [ ص: 224 ] فأصابه مرض لكونه تهاون بالحديث وأخرج أبو داود عن أبي بكرة أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء ، وقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يوم الثلاثاء يوم الدم ، وفيه ساعة لا يرقأ فيها الدم .

أقول : ولعل الكراهة محمولة على حال الاختيار ونفيها على وقت الاضطرار ويدل عليه ما نقله الخلال عن أحمد أنه كان يحتجم في أي وقت هاج به الدم ، والله أعلم ، وقد اتفق الأطباء على أن الحجامة في النصف الثاني من الشهر ، ثم في الربع الثالث من أرباعه أنفع من الحجامة في أوله وآخره .

قال الموفق البغدادي : وذلك أن الأخلاط أول الشهر تهيج ، وفي آخره تسكن فأولى ما يكون الاستفراغ في أثنائه وعند الأطباء أيضا : أن أنفع الحجامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة من النهار وأن لا يقع عقيب استفراغ أو حمام أو جماع ، ولا عقيب شبع ، ولا جوع ، والله أعلم .

وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : الحجامة على الريق دواء وعلى الشبع داء ، وفي سبع عشر من الشهر شفاء ويوم الثلاثاء صحة للبدن ولقد أوصاني خليلي جبريل بالحجامة حتى ظننت أنه لا بد منها .

وأخرج ابن ماجه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما مررت ليلة أسري بي بملأ إلا قالوا : يا محمد مر أمتك بالحجامة ، وفي رواية عند الترمذي وغيره عليك بالحجامة يا محمد .

والأمر فيها للندب والاحتياط والتحرز لحفظ الصحة لقوله عليه السلام لا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم وأخرج الترمذي نعم العبد الحجام يذهب الدم ويحفف الصلب ويجلو البصر وأخرج أبو داود أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أكل من الشاة التي سمتها اليهودية زينب بنت الحارث أخت المرحب اليهودي بخيبر احتجم على كاهله من أجله .

التالي السابق


الخدمات العلمية