الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن أمرها بطلاق يملك الرجعة فطلقت بائنة ، أو أمرها بالبائن فطلقت رجعية وقع ما أمر به الزوج ) فمعنى الأول أن يقول لها الزوج : طلقي نفسك واحدة أملك الرجعة فتقول : طلقت نفسي واحدة بائنة فتقع رجعية لأنها أتت بالأصل وزيادة وصف كما ذكرنا فيلغو الوصف ويبقى الأصل ، ومعنى الثاني أن يقول لها طلقي نفسك واحدة بائنة فتقول طلقت نفسي واحدة رجعية فتقع بائنة لأن قولها واحدة رجعية لغو منها لأن الزوج لما عين صفة المفوض إليها فحاجتها بعد ذلك إلى إيقاع الأصل دون تعيين الوصف فصار كأنها اقتصرت [ ص: 103 ] على الأصل فيقع بالصفة التي عينها الزوج بائنا أو رجعيا ( وإن قال لها : طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت نفسها واحدة لم يقع شيء ) لأن معناه إن شئت الثلاث وهي بإيقاع الواحدة ما شاءت الثلاث فلم يوجد الشرط ( ولو قال لها : طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا فكذلك عند أبي حنيفة ) لأن مشيئة الثلاث ليست بمشيئة للواحدة كإيقاعها ( وقالا : تقع واحدة ) لأن مشيئة الثلاث مشيئة للواحدة ، كما أن إيقاعها إيقاع للواحدة فوجد الشرط .

التالي السابق


( قوله ولو أمرها بطلاق يملك رجعتها فطلقت بائنا أو أمرها بالبائن فطلقت رجعيا وقع ما أمر به ، ومعنى الأول أن يقول : طلقي نفسك واحدة أملك الرجعة فيها فتقول : طلقت نفسي واحدة بائنة تقع رجعية لأنها أتت بالأصل وزيادة وصف كما ذكرنا فيلغو الوصف ويبقى الأصل ، ومعنى الثاني أن يقول : طلقي نفسك واحدة بائنة فتقول طلقت نفسي واحدة رجعية تقع بائنة لأن قولها رجعية لغو لأن الزوج لما عين صفة المفوض إليها في الصورتين فحاجتها بعد ذلك إلى أصل الإيقاع ) لا إلى ذكر وصفه ، فذكرها إياه موافقا أو مخالفا لا عبرة به لأن الوقوع بإيقاعها ليس إلا بناء على التفويض ، فذكرها كسكوتها عنه ، وعند سكوتها يقع على الوصف [ ص: 103 ] المفوض .

وحاصل هذا كله أن المخالفة إن كانت في الوصف لا يبطل الجواب ، بل يبطل الوصف الذي به المخالفة ويقع على الوجه الذي فوض به ، بخلاف ما إذا كانت في الأصل حيث يبطل ، كما إذا فوض واحدة طلقت ثلاثا على قول أبي حنيفة ، أو فوض ثلاثا فطلقت ألفا ، وتقدم تخريج أبنت على مخالفة الوصف في قوله طلقي نفسك ( قوله ولو قال لها : طلقي نفسك ثلاثا إلخ ) تقدم أنه إذا قال : طلقي نفسك ثلاثا تملك أن تطلق نفسها واحدة وثنتين وثلاثا ، فلو أنه زاد قوله إن شئت فطلقت واحدة لم يقع شيء لأن معناه إن شئت الثلاث فكان تفويض الثلاث معلقا بشرط هو مشيئتها إياها ولم يوجد الشرط لأنها لم تشأ إلا واحدة ، وتقدم أنها لو قال لها : طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا لم يقع شيء عند أبي حنيفة ، وتقع واحدة عندهما ، فلو زاد قوله إن شئت فالخلاف على ما هو عليه ، فأبو حنيفة يقول : مشيئة الثلاث ليست مشيئة الواحدة فلم يوجد الشرط ، وهما يقولان : مشيئة الثلاث مشيئة الواحدة كما أن إيقاعها إيقاع الواحدة ، وقد سبق الكلام في تحقيق ذلك




الخدمات العلمية