الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال لها : أنت طالق كلما شئت فلها أن تطلق نفسها واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا ) لأن كلمة كلما توجب تكرار الأفعال إلا أن التعليق ينصرف إلى الملك القائم ( حتى لو عادت إليه بعد زوج آخر فطلقت نفسها [ ص: 107 ] لم يقع شيء ) لأنه ملك مستحدث ( وليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا بكلمة واحدة ) لأنها توجب عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فلا تملك الإيقاع جملة وجمعا ( ولو قال لها : أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لم تطلق حتى تشاء ، وإن قامت من مجلسها فلا مشيئة لها ) لأن كلمة حيث وأين من أسماء المكان والطلاق لا تعلق له بالمكان فيلغو ويبقى ذكر مطلق المشيئة فيقتصر على المجلس ، بخلاف الزمان لأن له تعلقا به حتى يقع في زمان دون زمان فوجب اعتباره عموما وخصوصا .

التالي السابق


وعلى هذا فقولهم في قوله ( أنت طالق كلما شئت لها أن تطلق نفسها واحدة بعد واحدة ) معناه تطلق بمباشرة الشرط تجوز بالتطليق عنه بأن تقول : شئت طلاقي أو طلقت نفسي فيقع طلاقه عند تحقق الشرط ، وإنما يصح كلامهم في قوله : طلقي نفسك كلما شئت ( قوله إلا أن التعليق إلخ ) جواب عن مقدر هو أن موجب كلما تكرار الأفعال أبدا ، ومقتضاه أنها إذا طلقت نفسها ثلاثا وعادت إليه بعد زوج آخر أن تملك طلاقها أيضا وليس لها ذلك . أجاب بأنها وإن كانت كذلك [ ص: 107 ] لكن التفويض إنما ينصرف إلى الملك القائم لا إلى عدم الملك الذي هو معنى الملك المعدوم ، فلو انصرف إليه انصرف إلى عدم الملك ، فإذا فرض أن المملوك قدر معين لزم أن باستغراقه تكرارا ينتهي به التفويض ، وذلك القدر هو الثلاث ، فلو طلقت نفسها واحدة وانقضت عدتها فتزوجت بآخر وعادت إلى الأول ملكت ثلاث تطليقات أيضا خلافا لمحمد فإن عنده إنما تملك ثنتين لما عرف في مسألة الهدم ( قوله وليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا ) بالاتفاق لأنها لعموم الانفراد لا عموم الاجتماع فلا تملك الإيقاع جمعا ، وعلى هذا لا تطلق نفسها ثنتين ، فلو طلقت ثلاثا أو ثنتين وقع عندهما واحدة .

وعنده لا يقع شيء بناء على ما تقدم من أن إيقاع الثلاث إيقاع الواحدة عندهما خلافا له ( قوله ولو قال : أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لم تطلق حتى تشاء ويتقيد بالمجلس ، ولو قامت منه قبل المشيئة فلا مشيئة لها لأن كلمة حيث وأين للمكان والطلاق لا تعلق له بالمكان فيلغو ويبقى ذكر مطلق المشيئة فيقتصر على المجلس ) أورد عليه أنه إذا لغا المكان صار أنت طالق شئت ، وبه يقع للحال كقوله أنت طالق إن دخلت الدار أجيب بأنه يجعل الظرف مجازا عن الشرط لأن كلا منهما يفيد ضربا من التأخير وهو خير من إلغائه بالكلية فأورد عليه فلم يبطل بالقيام وفي أدواته ما لا يبطل به كمتى ، وإذا أجيب بأن الحمل على إن أولى لأنها أم الباب وصرف لشرط وفيه يبطل بالقيام . واعترض في بعض شروح المنار بأنه لما جعل مجازا عن الشرط فالشرط الذي فيه معنى الحقيقة أولى انتهى .

فإن أراد بالمعنى الحقيقي الزمان كمتى حتى لا يخرج من يدها بعد المجلس فليس معنى لحيث وأين بل معناهما المكان ، وإن أراد معنى الظرفية مطلقا فليس معناهما أصلا ، بل اسم الظرف اصطلاح مبني على تشبيه الزمان والمكان بالأوعية للأمتعة وهي الظروف لغة ( قوله فوجب اعتباره عموما ) كما في أنت طالق في أي وقت شئت ( وخصوصا ) في أنت طالق غدا .




الخدمات العلمية