الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 224 ] ( فإن اختلعت على عبد لها آبق على أنها بريئة من ضمانه لم تبرأ وعليها تسليم عينه إن قدرت وتسليم قيمته إن عجزت ) لأنه عقد المعاوضة فيقتضي سلامة العوض ، واشتراط البراءة عنه شرط فاسد فيبطل إلا أن الخلع [ ص: 225 ] لا يبطل بالشروط الفاسدة ، وعلى هذا النكاح

التالي السابق


( قوله على أنها بريئة ) يعني إن وجدته سلمته وإلا فلا شيء عليها ( قوله وعليها تسليم عينه إلخ ) هذا فرع صحة التسمية ، وإنما صحت في الخلع لأن مبناه على المسامحة بسبب أنه اعتياض عن غير مال ، فالعجز عن تسليمه لا يفضي إلى المنازعة في القيمة فتدفع .

وكذا لو خالعها على عبد الغير صحت ووجب تسليمه إن رضي سيده وإلا فقيمته ، وهذا بطريق أولى لأنه يجوز التزوج على عبد الغير وحكمه كذلك فالخلع عليه أولى ، بخلاف البيع لأن مبناه على المشاححة فالعجز يفضي إليها وهو لم يشرع إلا لقطعها فلا يجوز تسمية الآبق فيه ، وبخلاف ما إذا خالعته على دابة وعلى أن تزوجه امرأة وتمهرها عنه يصح الخلع لا التسمية فيرجع بمهرها لأن الجهالة متفاحشة لاختلاف الأجناس فلا يمكن إيجاب شيء مسمى بعينه ولا قيمته ، بخلاف ما نحن فيه لأنه يمكن تسليمه أو قيمته .

وغاية الأمر أن يكون كتسمية عبد وسط ، فإذا صحت التسمية أوجبت تسليم المسمى فاشتراط البراءة عن ضمانه باطل لأنه اشتراط عدم البدل في عقد المعاوضة وهو اشتراط عدم حكمه فيبطل هذا الشرط ، بخلاف اشتراط البراءة من عيب العوض لأنه يصح وإن [ ص: 225 ] كان مقتضى العقد يوجب سلامته كما يوجب أصله لأن وجوب سلامته تبع لوجوبه فوجوب أصله هو مقتضى العقد ، ثم يجب كونه سليما لأن وجوب مطلق الشيء يقتضي كماله ، لأن المعيب فائت من وجه فكان الموجب الأصلي هو العيب ، فاشتراط نفيه اشتراط نفي نفس مقتضاه ، بخلاف اشتراط كونه معيبا لأنه إثباته ، ثم إسقاط بعض الحقوق التابع وجوبها لوجوبه ، وذلك لا يخل بإثبات مقتضاه .

أو نقول : السلامة إنما هي مقتضى العقد الذي لم يشرط فيه عدمها وهو المطلق لا غيره ، بخلاف أصل البدل فإنه حكم كل عقد مطلقا . ولو اختلعت على عبد بعينه فمات في يد الزوجة فعليها قيمته ، ولو كان مات قبل الخلع رجع عليها بالمهر الذي أخذته لأنها غرته بتسمية العبد ، ولو كان حيا فاستحق لزمها قيمته لأنه تعذر تسليمه مع بقاء السبب الموجب لتسليمه ذكره شمس الأئمة ، ويجب في صورة ما إذا كان مات قبل الخلع إن كان الزوج علم بذلك أن لا يجب له شيء كما قدمنا في الخل المعين إذا ظهر خمرا وهو يعلم .

وفي كافي الحاكم : وإن اختلعت بعبد حلال الدم فقتل عنده بذلك رجع عليها بقيمته كالاستحقاق ، وكذا لو كان وجب قطع يده فقطع عند الزوج رده وأخذ قيمته




الخدمات العلمية