الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 232 ] ( ومن قال لامرأته طلقتك أمس على ألف درهم فلم تقبلي فقالت قبلت فالقول قول الزوج ، ومن قال لغيره بعت منك هذا العبد بألف درهم أمس فلم تقبل فقال : قبلت فالقول قول المشتري ) ووجه الفرق أن الطلاق بالمال يمين من جانبه فالإقرار به لا يكون إقرارا بالشرط لصحته بدونه ، أما البيع فلا يتم إلا بالقبول والإقرار به إقرار بما لا يتم إلا به فإنكاره القبول رجوع منه .

التالي السابق


( قوله فالقول قول الزوج ) أي مع يمينه . وحقيقة الفرق بين الصورتين أن قوله طلقتك أمس على ألف إقرار بمجرد اليمين لا بوقوع الطلاق إذ هو لازم وجود الشرط لا لازمه ، والموجود بعد هذا منه ومنها اختلاف في وجود الشرط وهي تدعيه لتثبت الطلاق وهو منكر غير مناقض إذ لم يقتض إنكاره القبول رجوعه عن شيء مما أقر به ، والقول للمنكر بخلاف قوله بعتك فإنه إقرار بقبول المشتري إذ البيع لا يقوم إلا به ، فإنكاره قبوله رجوع عما أقر به فلا يقبل ، حتى لو كان قال لها بعتك طلاقك أمس فلم تقبلي فقالت بل قبلت كان القول قولها ، وقوله لعبده أعتقتك أمس على ألف فلم تقبل وبعتك أمس نفسك بألف فلم تقبل على قياس قول الزوج لها .

ولهذه المسألة أخوات في كتب محمد رحمه الله تعالى هي : قال لها قد طلقتك واحدة بألف فقبلت فقالت إنما سألتك ثلاثا بألف فطلقتني واحدة فلك ثلثها القول للمرأة مع يمينها ، فإن أقاما البينة فالبينة بينة الزوج وكذا لو اختلفا في مقدار الجعل بعد الاتفاق على الخلع ، أو قالت اختلعت بغير شيء فالقول قولها والبينة بينة الزوج ، أما إذا اتفقا أنها سألته أن يطلقها ثلاثا بألف وقالت طلقتني واحدة وقال هو ثلاثا فالقول قوله إن كانا في المجلس ; ألا ترى أنه لو قال لها أنت طالق أنت طالق أنت طالق في مجلس سؤالها الثلاث بألف كان له الألف ، فغاية هذا أن يكون موقعا الباقي في المجلس فيكون مثله ، وإن كان في غير ذلك المجلس لزمها الثلاث ، وإن كانت في العدة من المتفق عليه ولا يكون للزوج إلا ثلث الألف ، وإن قالت سألتك أن تطلقني ثلاثا على ألف فطلقتني واحدة فلا شيء لك : يعني على قول أبي حنيفة ، وقال هو بل سألتني واحدة على ألف فطلقتكيها فالقول قولها على قول أبي حنيفة رضي الله عنه .

وإن قالت سألتك ثلاثا بألف فطلقتني في ذلك المجلس واحدة والباقي في غيره [ ص: 233 ] فقال بل الثلاث فيه فالقول لها . وإن قالت سألتك أن تطلقني أنا وضرتي على ألف فطلقتني وحدي وقال طلقتها معك وقد افترقا عن ذلك المجلس فالقول لها وعليها حصتها من الألف والأخرى طالق بإقراره ، وكذا إن قالت فلم تطلقني ولا هي في ذلك المجلس . ومسألة خلع الثنتين بسؤال واحد تنبيه ، وهو أنه إذا خلع امرأتيه على ألف كانت منقسمة على قدر ما تزوجهما عليه من المهر حتى لو سألتاه طلاقهما على ألف أو بألف فطلق إحداهما لزم المطلقة حصتها من الألف على قدر ما تزوجها عليه ، فإن طلق الأخرى في ذلك المجلس أيضا لزمها حصتها لا أن الألف تنقسم عليهما بالسوية .

ولو طلقها بعدما افترقوا فلا شيء له ، وإذا ادعت المرأة الخلع وأنكره الزوج فأقامت بينة فشهد أحدهما بالألف والآخر بألف وخمسمائة أو اختلفا في جنس الجعل فالشهادة باطلة ، وإن كان الزوج هو المدعي للخلع والمرأة منكرة فشهد أحد شاهديه بألف والآخر بألف وخمسمائة والزوج يدعي ألفا وخمسمائة جاز شهادتهما على ألف ، وإن ادعى ألفا لم تجز شهادتهما ولزمه الطلاق بإقراره ، وكذا لا تجوز شهادتهما إذا اختلفا في جنس الجعل أيضا ، الكل من مختصر الحاكم أبي الفضل لكلام محمد رحمه الله .

ولو اختلفا في مقدار العوض فالقول لها عندنا ، وعند الشافعي رحمه الله يتحالفان




الخدمات العلمية