الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : يضمن نصف قيمتها ) لأن مالية أم الولد غير متقومة عنده ومتقومة عندهما ، وعلى هذا الأصل تبتنى عدة من المسائل أوردناها في كفاية المنتهى . [ ص: 487 ] وجه قولهما أنها منتفع بها وطئا وإجارة واستخداما ، وهذا هو دلالة التقوم ، وبامتناع بيعها لا يسقط تقومها كما في المدبر ; ألا ترى أن أم ولد النصراني إذا أسلمت عليها السعاية ، وهذا آية التقوم .

التالي السابق


( قوله وإن كانت أم ولد بينهما ) بأن ادعى كل منهما أنها أم ولد له ( فأعتقها أحدهما وهو موسر فلا ضمان عليه للآخر عند أبي حنيفة وقالا : يضمن نصف قيمتها ) وإن كان معسرا سعت للساكت فيه وأصل الخلاف في تقوم أم الولد ، فعنده غير متقومة ، وعندهما متقومة وهو قول سائر الفقهاء غير أبي حنيفة ( وعلى هذا الأصل تبتنى عدة من المسائل ) [ ص: 487 ] ذكرها المصنف في كفاية المنتهى : إحداها هذا : والثانية أم الولد إذا ولدت ولدا وهي بين اثنين فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه وعتق ولا يضمن من قيمته شيئا لشريكه عنده ، وعندهما يضمن نصف قيمة الولد لشريكه إن كان موسرا ، وإن كان معسرا استسعى الولد في النصف : يعني إذا بلغ حدا يستسعى فيه مثله . ومنها أم الولد المشتركة بين اثنين إذا مات أحدهما لا تسعى للآخر عنده في نصف قيمتها وتسعى عندهما . ومنها لو غصب أم الولد غاصب فماتت في يده لا يضمنها عنده ويضمن عندهما . وذكر في الرقيات يضمنها عنده بالغصب كما يضمن به الصبي الحر ، حتى لو وضعها في مسبعة فافترسها سبع يضمن عنده كما يضمن الصبي الحر بذلك لأنه ضمان جناية لا ضمان غصب كما لو قتلها حيث يضمن بالاتفاق . ومنها لو باعها وسلمها فماتت في يد المشتري لا يضمن عنده ويضمن عندهما . ومنها أمة حبلى بيعت فولدت لأقل من ستة أشهر من وقت البيع ثم ماتت الأم عند المشتري فادعى البائع الولد صح وعليه أن يرد جميع الثمن عنده ، وعندهما يحبس ما يخصها من الثمن .

( قوله وجه قولهما ) وهو قول الجمهور ( أنها منتفع بها وطئا وإجارة واستخداما ) وكذا يملك كسبها ، ولو قال كل مملوك لي حر عتقت ، وهذا هو دلالة التقوم والفائت ليس إلا مكنة البيع وهو لا ينفي التقوم كما في المدبر والآبق وامتناع سعايتها لغرماء المولى أو ورثته إذا لم يكن له مال سواها مثلا لأنها مصروفة إلى حاجتها لدفع حاجته كي لا يضيع نسبه وماؤه وهذا مانع يخصها لا يوجد في المدبر فلذا افترقا في السعاية وعدمها ( وهذا ) أي الانتفاع المطلق شرعا على هذه الوجوه ( دلالة التقوم ) لأن هذه الأفعال لا تكون إلا بملك اليمين فيها لعدم عقد النكاح والإجارة ، ولا زيادة بعد هذا إلا بثبوت حق الحرية ، ولا تنافي بين حق الحرية والتقوم ، ألا يرى أن أم ولد النصراني إذا أسلمت سعت له ، وهذا آية التقوم في أم الولد مطلقا لأنه لا قائل بالفصل بين أم ولد المسلم وأم ولد النصراني ، فإذا ثبت التقوم في إحداهما ثبت في الأخرى ، وكذا ولد المغرور إذا كانت أمه أم ولد فإن المغرور يضمن قيمة ولده منها عندنا . وحاصله دليلان : الأول قياس على المدبر ، والثاني إجماع مركب . وأيضا ثبتت ماليتها فلا تخرج عنها إلا بمقتض وحق الحرية الطارئ بالاستيلاد ليس مقتضيا لذلك لثبوته مع انتفاء ذلك في المدبر فإن فيه حق الحرية مع انتفاء عدم [ ص: 488 ] المالية والتقوم لثبوتهما فيه .




الخدمات العلمية