الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن ) ( قال ) : بع ( بمائة ) مثلا ( لم يبع بأقل ) منها ولو بتافه لفوات اسم المائة المنصوص عليها له ، وبه فارق البيع بالغبن اليسير لأنه لا يمنع كونه بثمن المثل ( وله ) بل عليه ( أن يزيد ) عليها ولو من غير جنسها كما يأتي لأن المفهوم من تقديرها عرفا امتناع النقص عنها فقط وليس له إبدال صفتها كمكسرة بصحاح وفضة بذهب ( إلا أن يصرح بالنهي ) عن الزيادة فتمتنع إذ النطق أبطل حكم العرف ، وكذا لو عين الشخص كبع بكذا من زيد فليس له الزيادة لأن تعيينه دال على محاباته .

                                                                                                                            نعم لو قال : بعه منه بمائة وهو [ ص: 45 ] يساوي خمسين لم تمتنع الزيادة كما قاله الغزالي وإنما جاز لوكيله في خلع زوجته بمائة مثلا الزيادة لأنه غالبا يقع عن شقاق فلا محاباة فيه ، وألحق به ما لو وكله في العفو عن القود بنصف فعفا بالدية حيث صح بها وقد ينظر فيه بأنه لا قرينة هنا تنافي المحاباة ، بخلاف الخلع وقرينة قتله لمورثه يبطلها سماحة بالعفو عنه لا سيما مع نصه على النقص عنها ، ولا ينافي ما تقرر أنه لو وكله أن يشتري له عبد زيد بمائة جاز له شراؤه بأقل ، ولم يحمل على ذلك لأن البيع ممكن من المعين وغيره فتمحض التعيين للمحاباة ، والشراء لتلك العين غير ممكن إلا من مالكها فضعف احتمال ذلك القصد وظهر قصد التعريف ، ولو أمره ببيع الرقيق مثلا بمائة فباعه بها وثوب أو دينار صح عند جواز البيع بالزيادة لأنه حصل غرضه وزاد خيرا ، ولو قال : اشتر بمائة لا بخمسين جاز الشراء بالمائة وبما بينها وبين الخمسين لا بما عدا ذلك ، أو بع بمائة لا بمائة وخمسين لم يجز النقص عن المائة ولا استكمال المائة والخمسين ولا الزيادة عليهما للنهي عن ذلك ويجوز ما عداه ، أو لا تبع أو لا تشتر بأكثر من مائة مثلا وباع بثمن المثل وهو مائة أو ما دونها لا أكثر جاز لإتيانه بالمأمور به ، بخلاف ما إذا اشترى أو باع بأكثر من مائة للنهي عنه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بل عليه ) ينبغي أن هذا بخلاف ما لو قال له الموكل : بع بكم شئت حيث يجوز له البيع بالغبن وإن تيسر خلافه لأنه جعل القدر إلى خبرته ر م ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : وقد يتوقف فيه ويقال بعدم الفرق كما تقدم عنه أيضا ( وقوله وفضة بذهب ) قياس ما مر أن محل الامتناع حيث لم تقم قرينة على أنه إنما عين الصفة لتيسرها لا لعدم [ ص: 45 ] إرادة خلافها سيما إذا كان غيرها أنفع منها

                                                                                                                            ( قوله : كما قاله الغزالي ) نقل سم على منهج عن الشارح امتناع الزيادة في هذه أيضا ، ويوافقه قول حج وقد يجاب بأنه يحابيه بعدم الزيادة على المائة وإن لم يحابه محاباة كاملة ا هـ . وقد نقل هذا ع عن ابن الرفعة فيجوز أنه تابع له ( قوله : وإنما جاز لوكيله في خلع زوجته ) أي مع أنه نظير بعه لزيد بمائة ا هـ سم ( قوله : وألحق به إلخ ) معتمد ( قوله : وقد ينظر فيه ) أي الإلحاق ( قوله : وقرينة قتله لمورثه يبطلها إلخ ) ممنوع ا هـ سم على حج : أي لجواز ظنه عدم قدرة المجني عليه على الزيادة على النصف أو عدم الرضا بالزيادة ( قوله : ولا ينافي ما تقرر ) أي في كلام المصنف ( قوله : ولم يحمل على ذلك ) أي المحاباة ( قوله : بمائة ) هذا علم من قوله قبل وله بل عليه أن يزيد عليها ولو من غير جنسها ( قوله : صح عند جواز البيع بالزيادة ) أي بأن لم يعين له المشتري ولم ينهه عن الزيادة ( قوله : لا بما عدا ذلك ) أي من الشراء بخمسين والزيادة على المائة ما لم تدل القرينة على جواز الزيادة أيضا ( قوله : ولا استكمال المائة والخمسين ) أي فيبيع بما دونها وإن كان ما نقص منها تافها



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 44 ] قوله : بل عليه ) أي إذا كان هناك من يرغب بالأكثر [ ص: 45 ] قوله : كون المساوية هي المشتراة إلخ ) عبارة التحفة : ويظهر أنه لا بد من شرائهما في عقد واحد ، أو تكون المساوية هي المشتراة أولا انتهت .

                                                                                                                            فلعل لفظ أولا ساقط من نسخ الشارح عقب قوله هي المشتراة ، لكن الظاهر أن الشهاب حج إنما قيد بذلك بالنسبة لوقوعهما للموكل : أي فإن كانت غير المساوية هي المشتراة أولا في حالة تعدد العقد لم تقع للموكل ، ثم إن كانت بالعين لم تصح وإلا وقعت للوكيل كما هو ظاهر ، ولا يخفى وقوع الثانية للموكل ، ويحتمل أن مراد الشارح أن المساوية تقع للموكل مطلقا في حالة تعدد العقد تقدمت أو تأخرت فيكون قوله : هي المشتراة : أي للموكل : ويكون قوله : فتقع المساوية للموكل فقط إيضاحا لما قبله ، وفي نسخة من نسخ الشارح ما نصه : وأما حالة تعدد العقد فتقع المساوية للموكل فقط انتهت .

                                                                                                                            وهي تعين الاحتمال المذكور فليحرر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية