الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويكفي لفظ أحدهما مع فعل الآخر ) وإن تأخر أحدهما عن الآخر كالوديعة فيما يظهر خلافا لمن فرق بينهما إذ ظن الرضا حاصل حينئذ ، وقد يحصل من غير لفظ ضمنا كأن فرش له ثوبا ليجلس عليه على ما جرى عليه المتولي ونقله الشيخان عنه نقل الأوجه الضعيفة وجرى عليه ابن المقري في بعض نسخ الروض وجزم به في العباب ، وهو مبني على أن العارية لا يشترط فيها لفظ والأصح خلافه وحينئذ فيكون ذلك إباحة لا عارية ، ولا دليل للأول فيما يأتي فيمن أركب منقطعا دابته بلا سؤال لإمكان حمل نفي ذلك [ ص: 125 ] على الجهتين .

                                                                                                                            أما من أحدهما فلا بد منه وأنه لا يشترط في ضمان العارية كونها بيد المستعير ، وخرج منه جلوسه على مفروش للعموم فهو إباحة حتى عند المتولي وكأن أذن له في حلب دابته واللبن للحالب فهي مدة الحلب عارية تحت يده ، وكأن سلمه البائع المبيع في ظرف فهو عارية ، وكأن أكل الهدية من ظرفها المعتاد أكلها منه وقبل أكلها هو أمانة ، ومقابل الأصح لا يشترط اللفظ حتى لو رآه حافيا فأعطاه نعلا أو نحو ذلك كان عارية .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإن تأخر أحدهما عن الآخر ) ظاهره وإن طال الزمن جدا ، ويوجه بأنه حيث حصلت الصيغة لا يضر التأخر إن لم يوجد من المعير ما يدل على الرجوع ولا من المستعير ما يدل على الرد ( قوله : فيكون ذلك إباحة ) [ ص: 125 ] أي والإباحة لا تقتضي الضمان ا هـ حج ( قوله : وخرج منه ) أي عقد العارية ( قوله : وقبل أكلها هو أمانة ) وكذا إن كانت عرضا ا هـ حج .

                                                                                                                            قال سم : استشكل بمسألة ظرف المبيع ، وفرق في شرح الروض بأنه لما اعتيد الأكل من ظرف الهدية قدر أن عوضها مقابل لها مع منفعة ظرفها ، بخلافه في البيع فكان عارية فيه على الأصل : وعبارة الشارح في شرح الإرشاد : وأما إذا لم تكن هدية تطوع بأن كان لها عوض ، فإن اعتيد الأكل منه لم يضمنه بل تلزمه أجرة مثله بحكم الإجارة الفاسدة وإلا ضمنه بحكم الغصب : ثم قال : وحيث قلنا بضمانه توقف استعماله وإلا كان أمانة ، وإن كان بلا عوض كما صرح به الرافعي ا هـ .

                                                                                                                            وهو حاصل ما في الروض وشرحه وشرح البهجة وغيرها .

                                                                                                                            فالحاصل أن الظرف أمانة قبل الاستعمال مطلقا ومغصوب بالاستعمال الغير المعتاد مطلقا ، وعارية بالاستعمال المعتاد إن لم يكن عوض وإلا فمؤجر إجارة فاسدة ا هـ .

                                                                                                                            ويؤخذ من هذا حكم ما يقع كثيرا أن مريد الشراء يدفع ظرفه لزيات مثلا فيتلف منه وهو أنه إن كان التلف قبل وضع المبيع فيه فلا ضمان لأنه أمانة وإن كان بعد وضع المبيع فيه ضمنه لأنه عارية فتنبه له فإنه يقع كثيرا ، ولم يتعرض لحكم الظرف بعد أكل الهدية منه ولا لحكم الدابة قبل حلب اللبن ولا بعده ، ولا لحكم ظرف المبيع بعد أخذ المشتري المبيع منه ، وصريح ما يأتي من الضمان بعد انتهاء العارية أنه هنا كذلك .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وإن تأخر أحدهما عن الآخر ) يحتمل أن المراد بالتأخر هنا التراخي ، وهو الذي فهمه الشيخ في الحاشية ، ويحتمل أن المراد مطلق التأخر : أي : فلا فرق بين أن يتأخر الفعل عن القول أو عكسه . ( قوله : لإمكان حمل نفي ذلك إلخ ) لم يظهر المراد [ ص: 125 ] من هذا الكلام ، ولعل مراده به ما في حواشي التحفة للشهاب سم وإن قصرت عبارته عنه ، ونص ما في الحواشي المذكورة لك أن تحمل ما يأتي على ما إذا وجد لفظ من أحد الجانبين فإنهم لم يصرحوا فيما يأتي بأنه لم يوجد لفظ من أحدهما ا هـ .

                                                                                                                            ( قوله : وأنه لا يشترط في ضمان العارية إلخ ) أي : ولا دليل للأول أيضا فيما يأتي أنه لا يشترط إلخ الذي استدل به الشهاب حج ، ولا يخفى ما في سياق الشارح مع أنه لم يذكر ما يرد الاستدلال




                                                                                                                            الخدمات العلمية