الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) عمل لغيره عملا بإذنه كأن ( دفع ثوبا إلى قصار ليقصره أو ) إلى ( خياط ليخيطه ففعل ولم يذكر ) أحدهما ( أجرة ) ولا ما يفهمها ( فلا أجرة له ) لتبرعه ولأنه لو قال أسكني دارك شهرا فأسكنه لم يستحق عليه أجرة بالإجماع كما في البحر ، والأوجه كما بحثه الأذرعي وجوبها في قن ومحجور سفه لأنهما غير أهل للتبرع ، ومثلهما غير المكلف بالأولى ( وقيل له ) أجرة مثله لاستهلاكه منفعته ( وقيل إن [ ص: 312 ] كان معروفا بذلك العمل ) بالأجرة ( فله ) أجرة مثله ( وإلا فلا ، وقد يستحسن ) ترجيحه لوضوح مدركه ، إذ هو العرف وهو يقوم مقام اللفظ كثيرا ، ونقل عن الأكثرين والمعتمد الأول ، فإن ذكر أجرة استحقها قطعا إن صح العقد وإلا فأجرة المثل ، وأما إذا عرض بها كأرضيك أو لا أخيبك أو ترى ما تحبه ، أو يسرك أو أطعمك فتجب أجرة المثل . نعم في الأخيرة يحسب على الأجير ما أطعمه إياه كما هو ظاهر ، لأنه لا تبرع من المطعم وقد تجب من غير تسمية ولا تعريض بها كما في عامل الزكاة اكتفاء بثبوتها بالنص فكأنها مسماة شرعا وكعامل مساقاة عمل ما ليس بلازم له بإذن المالك اكتفاء بذكر المقابل له في الجملة لا قاسم بأمر الحاكم فلا شراء له كما أفاده السبكي بل هو كغيره خلافا لجمع ، ولا يستثنى وجوبها على داخل الحمام أو راكب السفينة مثلا من غير إذن لاستيفائه المنفعة من غير أن يصرفها صاحبها إليه بخلافه بإذنه ، وسواء في ذلك أسير السفينة بعلم مالكها أم لا ، وقول ابن الرفعة في المطلب لعله فيما إذا لم يعلم به مالكها حين سيرها وإلا فيشبه أن يكون كما لو وضع متاعه على دابة غيره فسيرها مالكها فإنه لا أجرة على مالكه ولا ضمان مردود ، فقد فرق العراقي بينهما بأن راكب السفينة بغير إذن غاصب للبقعة التي هو فيها ولو لم يسر ، بخلاف واضع متاعه على الدابة لا يصير غاصبا لها بمجرد وضع متاعه . ويفرق أيضا بأن مجرد العلم لا يسقط الأجرة ولا الضمان ، فإن السكوت على إتلاف المال لا يسقط الضمان وهو علم وزيادة ومالك الدابة بسبيل من إلقاء المتاع قبل تسييرها بخلافه في راكب السفينة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا ما يفهمها ) أي ولم يذكر ما يفهمها فلا يقال القرينة دالة على الأجرة ( قوله : فلا أجرة له ) نقل بالدرس عن ابن العماد ببعض الهوامش أن مثل ذلك في عدم لزوم شيء ما لو دخل على طباخ وقال له أطعمني رطلا من لحم فأطعمه لأنه لم يذكر فيه الثمن والبيع صح أو فسد يعتبر فيه ذكر الثمن . أقول : وقد يتوقف فيما لو قصد الطباخ بدفعه أخذ العوض سيما وقرينة الحال تدل على ذلك فالأقرب أنه يلزمه بدله ويصدق في القدر المتلف لأنه غارم والقول قوله ( قوله : ولأنه لو قال أسكني دارك إلخ ) ومثل ذلك ما جرت به العادة من أنه يتفق أن إنسانا يتزوج امرأة ويسكن بها في بيت أهلها مدة ولم تجر بينهما تسمية أجرة ولا ما يقوم مقام التسمية لكن قول الشارح أسكني دارك شهرا إلخ يفهم وجوب الأجرة في هذه الصورة ، وهو ظاهر لأن الزوج استوفى [ ص: 312 ] المنفعة بسكناه في الدار فأشبه ما لو دخل الحمام بغير إذن ، وسيأتي أنه تلزمه الأجرة لاستيفائه المنفعة ، ثم رأيت الشارح في النفقات صرح بوجوب الأجرة وعبارته ( قوله : فتجب أجرة المثل ) بقي ما لو أطعمه في غير الأخيرة وقال أطعمته على قصد حسبانه من الأجرة ا هـ سم على حج . أقول : قضية كون العبرة في أداء الدين بنية الدافع ولو من غير الجنس حسبانه على الأجير ( قوله : يحسب على الأجير ما أطعمه إياه ) أي ويصدق الآكل في قدر ما أكله لأنه غارم ( قوله : بخلافه بإذنه ) أي فلا أجرة عليه ، ومنه ما يقع من المعداوي من قوله انزل أو يحمله وينزله فيها ( قوله : وسواء في ذلك أسير السفينة إلخ ) أي وكذا لو سيرها المالك نفسه علم بالراكب أم لا كما يؤخذ من قوله وقول ابن الرفعة إلخ مردود ( قوله : ولا ضمان ) أي بل على مالك الدابة ضمان العين لو تلفت ومفهومه أنه لو كان جاهلا بالمتاع كان الضمان على صاحب المتاع لصاحب الدابة ، وسيأتي ما يوافقه في شرح قول المصنف ولو وزن المؤجر وحمل إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ولو عمل لغيره عملا بإذنه ) قيد بالإذن للخلاف ( قوله : والأوجه كما بحثه الأذرعي ) أي : في كلام المصنف




                                                                                                                            الخدمات العلمية