الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 270 ] كتاب العدد قوله ( كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة : فلا عدة عليها ) بلا نزاع .

وقوله ( وإن خلا بها وهي مطاوعة ، فعليها العدة ، سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء ، كالإحرام ، والصيام ، والحيض ، والنفاس ، والمرض ، والجب ، والعنة ، أو لم يكن ) . هذا المذهب مطلق بشرطه الآتي . سواء كان المانع شرعيا أو حسيا . كما مثله المصنف . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . واختار في عمد الأدلة : لا عدة بخلوة مطلقا . وعنه : لا عدة بخلوة مع وجود مانع شرعي ، كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والظهار والإيلاء والاعتكاف . قدمه في الرعاية الكبرى . وقال في الفروع : ويتخرج في عدة بخلوة كصداق . وقد تقدم أحكام استقرار الصداق كاملا بالخلوة في الفوائد في " كتاب الصداق " بعد قوله " ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها " .

تنبيه :

ظاهر كلام المصنف : أنه سواء كان النكاح صحيحا أو فاسدا . وهو صحيح . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله . وقال ابن حامد : لا عدة بخلوة في النكاح الفاسد . بل بالوطء كالنكاح الباطل إجماعا . وعند ابن حامد أيضا : لا عدة بالموت في النكاح الفاسد . ويأتي هذا قريبا في كلام المصنف فيما إذا مات عن امرأة نكاحها فاسد .

فائدة :

لا عدة بتحمل المرأة بماء الرجل ، ولا بالقبلة ، ولا باللمس من غير [ ص: 271 ] خلوة . على الصحيح من المذهب . وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وابن عبدوس في تذكرته ، وغيرهما . وصححه ابن نصر الله في حواشيه . وقيل : تجب العدة بذلك . وقطع به القاضي في المجرد ، فيما إذا تحملت بالماء . وأطلقهما في المحرر ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والزركشي ، والفروع ، وغيرهم . وقال في الرعاية الكبرى : فإن تحملت بماء رجل وقيل : أو قبلها أو لمسها بلا خلوة فوجهان . ثم قال : قلت : إن كان ماء زوجها اعتدت . وإلا فلا .

قوله ( إلا أن لا يعلم بها كالأعمى والطفل ، فلا عدة عليها ) وكذا لو كانت طفلة . وضابط ذلك : أن يكون الطفل ممن لا يولد له . والطفلة ممن لا يوطأ مثلها .

تنبيه :

ظاهر قوله إحداهن { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . أنها لا تنقضي عدتها إلا بوضع جميع ما في بطنها . وهو صحيح للآية الكريمة . وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم ، لبقاء تبعيته للأم في الأحكام . وقال ابن عقيل : وغسلها من نفاسها إن اعتبر غسلها من حيضة ثالثة . وعنه : تنقضي عدتها بوضع الولد الأول . وذكرها ابن أبي موسى . واحتج القاضي وتبعه الأزجي بأن أول النفاس : من الأول . وآخره : منه بأن أحكام الولادة تتعلق بأحد الولدين . لأن انقطاع الرجعة وانقضاء العدة تعلق بأحدهما لا بكل واحد منهما . كذلك مدة النفاس . قال في الفروع : كذا قال . [ ص: 272 ] وتقدم نظير ذلك في " باب الرجعة " بعد قول المصنف " وإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية