الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا ) ( مات عن امرأة نكاحها فاسد ) . كالنكاح المختلف فيه ، فقال القاضي : عليها عدة الوفاة . نص عليه في رواية جعفر بن محمد . وهو المذهب . اختاره أبو بكر ، وغيره . وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاوي ، والمحرر ، والنظم ، وغيرهم . وقال ابن حامد : لا عدة عليها للوفاة كذلك . وتقدمت المسألة في أول الباب بما هو أعم من ذلك . وإن كان النكاح مجمعا على بطلانه : لم تعتد للوفاة من أجله وجها واحدا قوله ( الثالث : ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها ، وعدتها ثلاثة قروء ، إن كانت حرة ، وقرآن إن كانت أمة ) . [ ص: 279 ] هذا المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه : عدة المختلعة حيضة . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله في بقية الفسوخ . وأومأ إليه في رواية صالح .

فائدة :

المعتق بعضها كالحرة . قطع به في المحرر ، والوجيز والفروع ، وغيرهم .

قوله ( والقرء الحيض : في أصح الروايتين ) . وكذا قال في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والبلغة ، والنظم ، وغيرهم . وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال القاضي : الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله : أن الأقراء الحيض . وإليه ذهب أصحابنا . ورجع عن قوله بالأطهار . فقال في رواية النيسابوري " كنت أقول : إنه الأطهار ، وأنا أذهب اليوم إلى أن الأقراء الحيض " . وقال في رواية الأثرم " كنت أقول : الأطهار . ثم وفقت لقول الأكابر " وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وغيرهم .

والرواية الثانية :

القروء الأطهار . قال ابن عبد البر : رجع الإمام أحمد رحمه الله إلى أن القروء الأطهار . وقال في رواية الأثرم " رأيت الأحاديث عمن قال " القرء الحيض " مختلفة ، والأحاديث عمن قال " إنه أحق بها حتى تدخل في الحيضة الثالثة " أحاديثها صحاح قوية " . فعلى المذهب : لا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها ، بلا نزاع . وكذا على الرواية الثانية بطريق أولى وأحرى . [ ص: 280 ] وعلى المذهب : لو انقطع دمها من الحيضة الثالثة : حلت للأزواج قبل الاغتسال ، في إحدى الروايتين . واختاره أبو الخطاب ، وابن عبدوس في تذكرته . قال في مسبوك الذهب ، وهو الصحيح .

والرواية الثانية :

لا تحل للأزواج حتى تغسل . وهو المذهب . قال الزركشي : هي أنصهما عن الإمام أحمد رحمه الله ، واختيار أصحابه ، الخرقي ، والقاضي ، والشريف ، والشيرازي ، وغيرهم . قال في الهداية : والمذهب ، وغيرهما : قال أصحابنا : للزوج الأول ارتجاعها . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المستوعب ، والرعايتين ، وغيرهم . وصححه في الخلاصة ، وغيره . وقال في الوجيز : لا تحل حتى تغتسل أو يمضي وقت صلاة . وأطلقهما في المحرر ، والشرح ، والفروع . وتقدم ذلك في " باب الرجعة " في كلام المصنف في قوله " وإن طهرت من الحيضة الثالثة ولما تغتسل ، فهل له رجعتها ؟ على روايتين " .

تنبيه :

ظاهر الرواية الثانية وهي أنها لا تحل للأزواج إذا انقطع دمها حتى تغتسل أنها لا تحل إذا فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك القاضي عشرين سنة . وذكره ابن القيم رحمه الله في الهدي إحدى الروايات . قال الزركشي : ظاهر كلام الخرقي وجماعة : أن العدة لا تنقضي ما لم تغتسل ، وإن فرطت في الاغتسال مدة طويلة . وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله : فإن أخرت الغسل متعمدة ، فينبغي إن كان الغسل من أقرائها أن لا تبين وإن أخرته ؟ قال : هكذا كان يقول شريك . [ ص: 281 ] وظاهر هذا : أنه أخذ به . انتهى . وعنه : تحل بمضي وقت صلاة . وجزم به في الوجيز . كما تقدم . وتقدم كل ذلك في " باب الرجعة " . وأما بقية الأحكام كقطع الإرث ، ووقوع الطلاق ، واللعان ، والنفقة ، وغيرها فتنقطع بانقطاع الدم . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال الزركشي : رواية واحدة . وجعلها ابن عقيل على الخلاف . انتهى .

وتقدم ذلك أيضا هناك . وأما على رواية أن القروء الأطهار : فتعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا . ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة [ والأمة إذا طعنت في الحيضة الثانية ] حلت على الصحيح من المذهب فيهما . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في المحرر ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : لا تحل إلا بمضي يوم وليلة . فعلى هذا : ليس اليوم والليلة من العدة في أصح الوجهين . قلت : فيعايى بها . وقيل : منها . قلت : فيعايى بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية