الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 300 ] قوله ( ومن وجب عليه حد لله سوى ذلك - مثل الشرب ، والزنا ، والسرقة ، ونحوها - فتاب قبل إقامته : لم يسقط ) . هذا إحدى الروايتين . وذكرهأبو بكر في المذهب . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ، وجزم به الأدمي في منتخبه . وعنه : أنه يسقط بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . قال في الفروع : اختاره الأكثر ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، ونظم المفردات ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والفروع ، وصححه في النظم ، وغيره . وهو من مفردات المذهب . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والكافي ، والهادي ، والشرح ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وعنه : إن ثبت الحد ببينة : لم يسقط بالتوبة . ذكرها ابن حامد ، وابن الزاغوني ، وغيرهما .

وجزم به في المحرر . ولكن أطلق الثبوت . ويأتي في أواخر " باب الشهادة على الشهادة " إذا تاب شاهد الزور قبل التعزير : هل يسقط عنه ، أم لا ؟ فعلى هذه الرواية ، والرواية الأولى : يسقط في حق محارب تاب قبل القدرة . قال في الفروع : ويحتمل أن لا يسقط ، كما قبل المحاربة . [ ص: 301 ] وقال في المحرر : لا يسقط بإسلام ذمي ومستأمن ، نص عليه . وذكره ابن أبي موسى في الذمي . ونقل فيه أبو داود عن الإمام أحمد رحمه الله . قال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : أن فيه الخلاف . ونقل أبو الحارث : إن أكره ذمي مسلمة ، فوطئها : قتل . ليس على هذا صولحوا . ولو أسلم هذا حد ، وجب عليه . فدل أنه لو سقط بالتوبة : سقط بالإسلام ; لأن التائب وجب عليه أيضا . وأنه أوجبه بناء على أنه لا يسقط بالتوبة . فإنه لم يصرح بتفرقة بين إسلام وتوبة ويتوجه رواية مخرجة من قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه حد سقط بالإسلام ، واختار صاحب الرعاية : يسقط . وقال في عيون المسائل في سقوط الجزية بإسلام إذا أسلم : سقطت عنه العقوبات الواجبة بالكفر . كالقتل وغيره من الحدود . وفي المبهج احتمال : يسقط حد زنا ذمي . ويستوفى حد قذف . قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله .

وفي الرعاية : الخلاف . وهو معنى ما أخذه القاضي ، وأبو الخطاب ، وغيرهما من عدم إعلامه ، وصحة توبته : أنه حق لله . وقال في التبصرة : يسقط حق آدمي لا يوجب مالا ، وإلا سقط إلى مال . وقال في البلغة : في إسقاط التوبة في غير المحاربة ، قبل القدرة وبعدها : روايتان . قوله في الرواية الثانية التي هي المذهب " وعنه أنه يسقط بمجرد التوبة قبل [ ص: 302 ] إصلاح العمل " فلا يشترط إصلاح العمل مع التوبة . بل يسقط بمجرد التوبة . وهذا الصحيح على هذه الرواية . قال الشارح : هذا ظاهر قول أصحابنا . قال في الكافي : قال أصحابنا : ولا يعتبر إصلاح العمل مع التوبة في إسقاط الحد وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، والفروع . وقيل : ويعتبر أيضا صلاح عمله مدة . وعلى المذهب أيضا وهو سقوط الحد بالتوبة فقيل : يسقط بها قبل توبته ، جزم به في المحرر ، والوجيز .

وقيل : قبل القدرة . وقيل : قبل إقامته . [ وأطلقهن في الفروع . وقال في الكافي ، والرعاية الكبرى : ويحتمل أن يعتبر إصلاح العمل مدة يتبين فيها صحة توبته . وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي في سقوط حد الزاني ، والشارب ، والسارق ، والقاذف بالتوبة قبل إقامة الحد ، وقيل : قبل توبته روايتان ] . وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والكافي ، والهادي ، والمصنف هنا ، وغيرهم . بل هو ظاهر كلام الأصحاب ، كما قال في المغني . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي . وأطلقهما في الفروع . وفي بحث القاضي : التفرقة بين علم الإمام بهم أولا . [ ص: 303 ] واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله : تقبل ولو في الحد . فلا يكمل ، وأن هربه فيه توبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية