الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4900 - (شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين، فما يسرني أن لي حمر النعم، وأني أنكثه) (حم ك) عن عبد الرحمن بن عوف - (صح) .

التالي السابق


(شهدت غلاما) ؛ أي: حضرت حيال كوني صغيرا، والشهود: الحضور مع المشاهدة، إما بالبصر أو بالبصيرة، والغلام: الولد الصغير، ويطلق على الرجل مجازا باعتبار ما كان عليه، كما يقال للصغير شيخ مجازا باسم ما يؤول إليه، وقوله (مع عمومتي) متعلق بشهدت، وهو جمع عم، كما يجمع على أعمام، كبعل وبعولة، والعمومة، أيضا مصدر العم، كالأبوة والخؤولة، وقوله (حلف المطيبين) بالمثناة التحتية المشددة، جمع مطيب بمعنى متطيب؛ أي: حضرت تعاهدهم وتعاقدهم على أن يكون أمرهم واحدا في النصرة والحماية؛ والحلف بفتح فكسر: العهد بين القوم، والمحالفة المعاهدة والمعاقدة والملازمة، والتطيب استعمال الطيب، وقوله (فما يسرني أن لي حمر النعم وأني أنكثه) ؛ أي: ما يسرني أن يكون لي الإبل الحمر التي هي أعز أموال [ ص: 165 ] العرب وأكرمها وأعظمها، والحال أني أنقضه، والفاء في "فما": عاطفة أو سببية، والسرور ما يكتم من الفرح، و"حمر" بضم فسكون: جمع أحمر و"النعم": بفتح النون والعين: المال الراعي، وهو جمع لا واحد له من لفظه وأكثر ما يقع على الإبل، بل قال أبو عبيدة: النعم: الإبل فقط، والنكث النقض، يقال: نكث الرجل العهد نكثا، نقضه ونبذه فانتكث، مثل نقضه فانتقض، وهذا الحديث روي بألفاظ، فرواه الحاكم باللفظ المذكور، ورواه الإمام أحمد وأبو يعلى الموصلي بلفظ: (شهدت حلف المطيبين، وأنا غلام مع عمومتي... إلخ) وأصل ذلك أنه اجتمع بنو هاشم وزهرة وتميم في الجاهلية بمكة في دار ابن جدعان، وتحالفوا على أن لا يتخاذلوا ثم ملؤا جفنيه طليبا[ملؤوا جفنة طيبا] ووضعوها في المسجد عند الكعبة، وغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، ومسحوا الكعبة بأيديهم المطيبة؛ توكيدا، فسموا المطيبين، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر وتعاهدوا على أن لا يتخاذلوا فسموا الأحلاف، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المطيبين، وكان عمر - رضي الله عنه - من الأحلاف، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه باق على ما حضره من تحالف قومه المطيبين من التناصر على الحق والأخذ للمظلوم من الظالم، وأنه لا يتعرض له بنقض، بل أحكامه باقية في الإسلام، وفيه أن ما كان من حلف الجاهلية لا يبطله الإسلام، وبه صرح في حديث (أيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة) رواه الحاكم عن حذيفة، وقال: على شرط الشيخين

(حم ك عن عبد الرحمن بن عون [عوف]) وفيه عبد الرحمن بن إسحاق، وفيه كلام معروف



الخدمات العلمية