الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1285 1286 1287 ص: حدثنا يونس، قال: أنا عبد الله بن وهب، أن مالك بن أنس حدثه، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول قال رسول الله - عليه السلام -: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام، فقلت: يا أبا هريرة، إني أكون أحيانا وراء الإمام، قال: اقرأها يا فارسي في نفسك".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وسعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - مثله.

                                                حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا أبو غسان، قال: ثنا العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام -، مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ثلاث طرق صحاح:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى المصري شيخ مسلم ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي المدني ، عن أبي السائب الأنصاري مولى هشام بن زهرة، ويقال: مولى عبد الله بن هشام بن زهرة، ويقال: مولى بني زهرة ... إلى آخره.

                                                [ ص: 85 ] وأخرجه أبو داود : عن القعنبي ، عن مالك ... إلى آخره نحوه مع زيادة بعد قوله: "يا فارسي" وهي: "فإني سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: قال الله -عز وجل-: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي ... " الحديث، ذكرنا تمامه في باب القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم.

                                                وأخرجه مسلم : عن قتيبة بن سعيد ، عن مالك نحوه.

                                                وأخرجه أيضا عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، عن سفيان بن عيينة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه النسائي : عن قتيبة ، عن مالك ... إلى آخره نحوه.

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير بن حازم ، وسعيد بن عامر الضبعي، كلاهما عن شعبة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن المثنى، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - قال: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج".

                                                الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن سعيد بن أبي مريم الجمحي المصري شيخ البخاري ، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وروى عن العلاء أيضا ورقاء والدراوردي وعبد الملك بن جريج .

                                                فحديث ورقاء أخرجه الطيالسي : عنه، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبي السائب ، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: "كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج".

                                                [ ص: 86 ] وحديث الدراوردي أخرجه الحديث في "مسنده": عنه، عن العلاء ، عن أبيه، عن أبي هريرة نحوه.

                                                وحديث ابن جريج أخرجه ابن ماجه : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن إسماعيل بن علية ، عن ابن جريج ، عن العلاء بن عبد الرحمن، أن أبا السائب أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - عليه السلام - ... إلى آخره نحوه.

                                                قوله: "اقرأها يا فارسي" خطاب لأبي السائب، قال محيي الدين النووي: ومما يؤيد وجوب قراءة الفاتحة على المأموم قول أبي هريرة هذا، ومعناه اقرأها سرا بحيث تسمع نفسك.

                                                قلت: هذا لا يدل على الوجوب; لأن المأموم مأمور بالإنصات; لقوله تعالى: وأنصتوا والإنصات: الإصغاء، والقراءة سرا بحيث يسمع نفسه تخل بالإنصات، فحينئذ يحمل ذلك على أن المراد: تدبر ذلك وتفكره، ولئن سلمنا القراءة حقيقة فلا نسلم أنه يدل على الوجوب، على أن بعض أصحابنا استحسنوا ذلك على سبيل الاحتياط في جميع الصلوات، ومنهم من استحسنها في غير الجهرية ومنهم من رأى ذلك إذا كان الإمام لحانا.

                                                قوله: "قسمت الصلاة" المراد منها الفاتحة، وقد ذكرنا أن من جملة أسماء الفاتحة: الصلاة، سميت بها لأنها تقرأ دائما في سائر الصلوات.

                                                وقال النووي: فيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة، سميت بذلك لأنها لا تصلح الصلاة إلا بها، كقوله - عليه السلام -: "الحج عرفة".

                                                قلت: لا نسلم أن يلزم من تسميتها صلاة وجوبها بعينها; لأن تسميتها بذلك باعتبار أنها تقرأ في سائر الصلوات لا باعتبار أنها فرض بعينها، ولا يلزم من قراءتها في سائر الصلوات فرضيتها كالتسمية والتحميد ونحوهما فإن صلاة لا تخلو عن شيء [ ص: 87 ] من ذلك، وليس ذاك بفرض، وقياسه على قوله: "الحج عرفة" ليس بصحيح; لأن معنى هذا الكلام: معظم أركان الحج الوقوف بعرفة، وليست العرفة بعينها عبارة عن الحج; لأن العرفة لا تخلو إما أن تكون اسما لليوم المعهود، أو للموضع المعهود، وكل منهما ليس بحج ولا داخلا في أركان الحج; فافهم.




                                                الخدمات العلمية