الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1392 ص: فذهب قوم إلى هذا فقالوا: هذا مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل منه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء: إسحاق وداود وأحمد -في المشهور- وسائر الظاهرية; فإنهم قالوا: مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل منه هو القدر الذي أن يقول فيه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى كل واحد ثلاث مرات. واحتجوا في ذلك بحديث ابن مسعود المذكور، وإنما قالوا بذلك; لأن القول بذلك في الركوع والسجود فرض عندهم، فمن ضرورة هذا يكون فرض الركوع والسجود مقدرا بهذا المقدار.

                                                وفي "المغني" لابن قدامة: والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، وقول: رب اغفر لي بين السجدتين، والتشهد الأول: واجب، وهو قول إسحاق وداود .

                                                وقال ابن حزم في "المحلى": والتكبير للركوع فرض، وقول سبحان ربي العظيم في الركوع فرض، والتكبير لكل سجدة فرض، وقول سبحان ربي الأعلى فرض في كل سجدة، ثم قال: وبإيجاب وفرض هذا قال أحمد بن حنبل وأبو سليمان وغيرهما.

                                                قلت: لكن الفرض عند أحمد هو أن يقول مرة واحدة، والزيادة عليها فضيلة.

                                                قال في مغنيهم: ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وهو أدنى الكمال، وإن قال مرة واحدة أجزأه، وقال أحمد في رسالته: جاء الحديث عن الحسن البصري أنه قال: [ ص: 231 ] "التسبيح التام سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث" وقال القاضي: الكامل في التسبيح إن كان منفردا ما لا يخرجه إلى السهو، وفي حق الإمام ما لا يشق على المأمومين، ويحتمل أن يكون الكمال عشر تسبيحات لأن أنسا - رضي الله عنه - روى أن النبي - عليه السلام - كان يصلي كصلاة عمر بن عبد العزيز فحزروا ذلك بعشر تسبيحات.

                                                قلت: حديث أنس رواه أبو داود ولفظه: "ما صليت وراء أحد بعد رسول الله - عليه السلام - أشبه صلاة برسول الله - عليه السلام - من هذا الفتى، يعني عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات".

                                                وقال القاضي: قال بعض أصحابنا: الكمال أن يسبح مثل قيامه، وإن قال: سبحان ربي العظيم وبحمده فلا بأس، وروي عن أحمد أنه قال: أما أنا فلا أقول: وبحمده، وحكى ذلك ابن المنذر عن الشافعي وأصحاب الرأي.




                                                الخدمات العلمية